الملحق الثقافي:
ولد إلياس قنصل في مدينة يبرود محافظة ريف دمشق 13 أبريل سنة 1914م وهو الشقيق الأكبر للشاعر زكي قنصل والتحق بمدارسها الابتدائية نحو سنتين وسافر مغترباً مع والده إلى البرازيل وبقي فيها أربع سنوات ثم انتقل إلى الأرجنتين. في عام 1923 عاد إلى مسقط رأسه مع أهله ودخل المدرسة ثانية وبقي في بيرود حتى بداية عام 1929 حيث سبق أهله وعاد إلى البرازيل، ولما وصل أهله إلى البرازيل واستقروا بها فترة بسيطة انتقلوا بعدها جميعاً إلى الأرجنتين وعمل تاجراً متجوّلاً (بالكشّة) وبدأ ينظم الشِّعْر ليلاً بعد انتهاء عمله النهاري.
نشرأعماله بالصحف مأجوراً، ثم تولّى رئاسة تحرير (الجريدة السورية اللبنانية) التي كان يصدرها موسى يوسف عزيزة وبقي مدة ثلاث سنوات، ثم أنشأ لحسابه مجلة سمّاها (المناهل) عاشت ثلاث سنوات (1937 – 1940). قد أسّس سنة 1939 مع أخيه زكي محلاً تجارياً صغيراً في إحدى ضواحي بوينس آيرس. وكان إلياس يجيد الإسبانية والفرنسية وترجم عنهما الكثير، وبدأ يطبع كتاباته في كُتيّبات صغيرة متتابعة، فالديوان يلحق القصّة والقصة تتلو الرواية والرباعيات تنتثر هنا وهناك، وحتى الخمسينيات من القرن الماضي كان لا يزال نصف نتاجه مخطوطاً. في سبعينيات القرن الماضي كان له الفضل الأكبر بإقامة ندوات أدبية أسبوعية في بونس آيرس يقصدها الكثير من أدباء وشعراء الجالية العربية.
قام خلال سنة واحدة بزيارة العديد من البلدان العربية وقابل كبار الشعراء والأدباء فيها ونشرت مجلاتها وصحفها العديد من أعماله. وأخيراً فتح متجراً لبيع الخردة وأمّن لنفسه الاستقرار والاستقلال المالي. توفي إلياس قنصل في الأرجنتين حيث أخذه الموت إثر عملية جراحية غير ناجحة عاش بعدها خمسة عشر يوماً وتوفي في 20 مارس 1981م.
كان شاعرنا صاحب مقدرة أدبية فذّة وشاعرية ملهمة بلغة متينة وذكاء شديد وروح مرحة ويُعتبر أخصب أديب عربي من أدباء المهجر الجنوبي، برع في فن الخطابة فكان يُثير الحماسة والإعجاب في كل حفل تكلّم فيه كما يُثير السخط والنقمة في صدور الأثرياء بحملاته الشعواء عليهم. لا نجد بشعره سوى القليل من الصور الشعرية، بينما آثاره النثرية كانت على عكس ذلك فيسيطر فيها على البيان ويُلْبِس المعاني ما شاء من الحلل والألوان ويُشغف القارئ برشاقة الأسلوب وأناقة التصوير وحارة الحوار وطرافة الحوادث والمفاجآت، ويخوض المعارك القلمية بجرأة نادرة ويُهاجم خصومه بالسّوْط بدلاً من مهاجمتهم بالحجّة.
مؤلّفاته الشعرية
ديوان على مذبح الوطنية، العبارات الملتهبة، الأسلاك الشائكة، نسمات الفجر، الرباعيات، السّهام.
مؤلّفاته النثرية
في الرواية: على ضفاف بردى
في القصة: صديقي أبو حسن
في النقد: أصنام الأدب
في النثر: البقايا
أوراق مبعثرة، وقصة دولة المجانين.
كما يفيدك ما تلقى من النوب
فاجمع نبالك فالدنيا مكافحة
والزهد يحمل ذل الخوف والهرب
في كل شيء إذا أمعنت فلسفة
هيهات تقرأها في أعظم الكُتب
ويقول الشاعر في قصيدة أخرى:
أسفت لصمته وله يراع
جميل بيانه سحر الجموعا
ولو أبصرت شدة ما يعاني
من الأيام أرخصت الدموعا
إذا سلم النبوغ من الرزايا
فكيف يطيب الفقر الوجيعا
وأغرب مشهد نصب ثمين
أقيم لعبقري مات جوعا
ويقول الشاعر:
إني لأحزن للمغرور تنفخه
من التكبر ريح ملؤها وضر
وليس يعجبني من كان متصفا
بالفضل عن فضله يغضي ويعتذر
اعرف مقامك يعرفه سواك ففي
إنصاف نفسك سفر العدل مختصر
إن التكبر مذموم ومحتقر
وفي التواضع وجه الضعف مستتر
العدد 1154 – 8-8-2023