نقش سوري.. محيي الدين صبحي (1935-2003)

الملحق الثقافي:      

هو ناقد ومفكر وأديب سوري، حاصل على إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق، وحاصل على شهادة الدكتوراه من بيروت، وعمل رئيساً لتحرير عدد من المجلات والصحف، وكان عضواً في هيئة تحرير مجلة الموقف الأدبي، وعضو في جمعية النقد الأدبي.
من مؤلفاته
الأمة المشلولة: تشريح الانحطاط العربي.
الأدب والموقف القومي.
البحث عن ينابيع الشعر والرؤيا: حوار ذاتي عبر الآخر.
البطل في مأزق.
التطبيع الثقافي في الوطن العربي : المظاهر وأشكال المقاومة.
الرؤيا في شعر البياتي.
الشعر طقس حضارة.
الشعر وطقوس الحضارة دراسات في الشعر العربي الحديث.
العروبة : أكثر من أي وقت مضى.
المختار من الوساطة بين المتنبي وخصومه.
النقد الأدبي الحديث بين الإسطورة والعلم : دراسات مترجمة.
أبطال في الصيرورة : دراسات في الرواية العربية والمعربة.
تشريح النقد.
جوزف حرب وأمطار الوردة السوداء : دراسة نقدية.
د.إحسان عباس والنقد الأدبي.
دراسات ضد الواقعية في الأدب العربي.
ديوان أبي تمام.
صهيل الجواد الأبيض : قصص.
عرب اليوم: صناعة الأوهام القومية.
عصر الايديولوجيا.
قصائد رؤوية من العصر الحديث إلى الجاهلية.
الكون الشعري عند نزار قباني.
ملامح الشخصية العربية في التيار الفكري المعادي للأمة العربية.
مئة عام من الرواية النسائية العربية 1899-1999.
نزار قباني : شاعر لكل الأجيار.
نزار قباني : شاعرا وإنسانا.
نظرية الأدب.
نظرية النقد العربي وتطورها إلى عصرنا : الجزء الثاني من نظرية الشعر العربي
شهادات
عباس بيضون
محيي الدين صبحي يشق عليّ أن أصادف خبر وفاة محيي الدين صبحي من صفحة الوفيات، وأن أتحراه ملياً لاتأكد من أنه المقصود، وأن لا ينعى أحد كاتباً كان في يوم حاضراً مسموعاً. ذلك مصير لا أظن أن كاتباً أو مثقفاً لا يشفق على نفسه من أن يلقاه. وهذه جريرة لا أحسب أن مثقفاً أو كاتباً لا يخشى من أن يكون، من حيث لا يعلم ولا يحتسب، شريكاً فيها. شق عليّ لدرجة الخوف أن يغيب الكاتب والمثقف عن السمع والبال ما إن يختفي عن العين. كأن للأثر ولصانع الأثر وجوداً جسمانياً فحسب وحين يغيب جسم الأثر أو صانعه لا يعود له وجود. ذلك أننا عندئذ قد نسأل أنفسنا عن حقيقة ما نسميه ثقافة وما نحسبه صانعيها. بل قد يخطر لنا أن كل ذلك ليس أكثر من لعب أدوار في غياب أصحابها، وأن ما نظنه ثقافة ليس أكثر من التشبه بها، وما نحسبه آثاراً ونتاجات قد لا يكون سوى طبق الأصل. قد يخطر لنا أننا لا نريد حقاً ثقافة، وأن الثقافة في واقع الأمر من بعض اجتماعياتنا، وأننا إذا وفيناها ما تستحقه من لياقة افترقنا عنها وافترقت عنا إلى لا معاد.
تلك بالتأكيد لوحة مظلمة قاتمة لكنها ليست فريدة ولا استثنائية. الأرجح أنها مصائر شائعة ميسورة وظلمات على كل طريق. وإن لمن المحزن أن نزيد الناس ظلماً على ظلم وقهراً على قهر فنكافئ بالنسيان آلامهم ونهجرهم حين تهجرهم الغبطة، والمؤسي أنها جريرة لا تستطيع أن نأخذ بها أحداً، وظلم لا نجد له متهماً. ولا نستطيع أن ندين المثقفين ولا الثقافة ولا المجتمع ولا الدولة، فذلك عطب انطولوجي لا ندري له أسساً ولا نهاية. إنه ظلمنا لأنفسنا ولسوانا حين لا نجد من يظلمنا، ثم إنها إعانة القدر على أنفسنا وعلى غيرنا، ثم إنها في نهاية الأمر حياة بلا سعر وجهد بلا ثمن. ولنقل إن إنهاء محيي الدين صبحي خبراً في جريدة رغم السجال والنزال والكتابة العاصفة والقتال على أكثر من جبهة، لا يشبه فقط محارباً توسده الموت في فراشه، لكنه يشبه حياتنا على أكمل وجه.
محطة إنسانية نادرة
ليلى عسيران
الدكتور محيي الدين صبحي، رحمه الله، تركنا نحن أصدقاءه في بيروت بالتدريج عندما عاد إلى مدينته المفضلة دمشق. ولعله لم يرد أن يثقل علينا بمعاناته الدائمة، وهي لازمة في عذاب كل مثقف ومنتج عربي في عصرنا العائد هو بدوره، إلى الوراء.
محيي الدين صبحي أحد كنوز الحضارة، نهم في التهامها، ولم يبخل على غيره من مشاركته إياها. وأنا بالذات قد تعلمت منه الكثير، وأدين له بالكثير. فالصداقة التي ربطت بيني وبينه حول فنجان من الشاي كل أسبوع توثقت وتعمقت. لكنه كان يحزنني بقدر ما كان يسعدني باحتواء ثوراتي وانفعالاتي العفوية. لقد كان من المحطات الإنسانية النادرة في هذا الزمن، يكفي أنه كان كريماً في بذله نحو الآخرين الذين أحبهم، غير أنه ظلم نفسه أكثر مما وجب عليه تجاه نفسه.
باقِ ما بقي النقد الأدبي
رياض عصمت
محيي الدين صبحي من الأشخاص الذين تتوقع أن يعيشوا إلى الأبد. نظارته الصغيرة، ابتسامته الجامدة، نبرته الشامية الشعبية المحببة، لسانه اللاذع وسخريته المرة، كلها أشياء تشعرك بأن الرجل باق ما بقي النقد الأدبي. ترجم أمهات الكتب بدأب مذهل، من دون أن يتقن المحادثة بالإنكليزية. استشهد بأحدث مقالات كبار النقاد من دون أن يدرس في جامعة أجنبية، ربما لينافس صديقه اللدود خلدون الشمعة، أو ليتباهى أمام الساخر دائماً زكريا تامر. محيي الدين صبحي إنسان عصامي بمعنى الكلمة، لم يسع إلى مجد، ولم تغره هالة الأدب. ولو اختار أن يهادن، لكسب الكثير، لكنه آثر الجرأة والصراحة، وكأنه يكتب للتاريخ، غير آبه بالراهن والآني.
كثيراً ما اصطدم في تهور حتى بناس لا يمكن أن يكون إلا معهم في خندق واحد، وخاض معارك شرسة على صفحات الجرائد والمجلات، ومنهم سعد الله ونوس وهاني الراهب، فانتقد الأول ببراعة وجرأة على مسرحيته (مغامرة رأس المملوك جابر) مظهراً الغاية المغرضة وراء تحريفها للتاريخ، والثاني على روايته (ألف ليلة وليلتان) كاشفاً سذاجة وتعسف نظرة الريفي إلى العاصمة والنساء فيها. لذا، كانت دائرة أصدقائه ضيقة في دمشق، واسعة الطيف في أرجاء الوطن الكبير، نظراً لما قدمه من خدمات جلى للنقد الأدبي، ولما لديه من حضور ثقافي بعيد هناك عن الحساسيات الداخلية والمهاترات الجانبية. وأذكر مرة، وكنت يومها في ريعان الشباب، أنني اصطدمت معه بسبب هجومه على الشاعر الراحل أمل دنقل، ودفاعي عنه. كان ناصرياً إلى العظم، لدرجة أنه رفض ما قبل به عبد الناصر نفسه حين أوعز برفع الضيم عن الشاعر، ونشر ديوانه الذي تضمن هجاء لكافور الأخشيدي بما في ذلك من إسقاط. ولكنه دهش عندما أصبحت رئيساً للبرامج الثقافية في التلفزيون السوري، ورحبت باستضافته في برنامج صديقه الأثير عادل أبو شنب، فمشى معي في شوارع دمشق وأزقتها ليلاً وهو يغمرني بمحبة دافئة مشوبة ببعض الندم. سافر محيي الدين صبحي كثيراً، وقضى ردحاً من الزمن في المغرب وبعض دول شمال أفريقيا. تتلمذ على يدي الناقد الكبير إحسان عباس، وأعجب أيما إعجاب بمدرسة النقد الحديث الأميركي، ونال الدكتوراه بعد إنجازات لا تحيجه إليها. تزوج لفترة قصيرة وطلق، جمع قدراً طائلاً من المال، وأضاعه باستهانة، عندما خاض مشروعاً تجارياً فاشلاً لمطعم في عاصمة أوروبية، ولكنه ظل دائماً مخلصاً لدرجة التهور لقضية النقد الأولى وهي: عدم التهاون في المستوى الفني، عدم التنازل عن ثوابت القيم القومية، وعدم التسامح في رأي جريء على حساب خوف أو جشع.
ياسين رفاعية
كان خبراً فاجعاً رحيل محيي الدين صبحي رفيق العمر منذ الستينيات. محيي الدين صبحي الناقد والإنسان الرائع الدمث المملوء بالخيبات الشخصية والإنسانية والقومية.
لن أقول إن ما حدث في العراق هو الضربة القاضية، لكنني كنت أعرف كم كان حزيناً ومتألماً عندما رأى بغداد تسقط هذا السقوط المفجع.
محيي الدين صبحي وحيد أبويه، ابن مزارع الورد، أحلى ورد الشام، عاش حياة فوضوية لأنه كان يعاني من قلق مستمر، قلق وجودي إن أردنا التحديد. فهو كان متمرداً على كل شيء، متمرداً على كل الوظائف التي شغلها، متمرداً حتى على الحياة الأسرية.
كان يريد أن يعيش منفرداً، على همومه ومتاعبه، خصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث أصبح مهذباً مسحوقاً، ومدمراً بكل ما للكلمة من معنى.
عانى متاعب القلب. سقط في باريس قبل خمس سنوات ووجد من ينتشله. وسقط قبل ثلاثة شهور في دمشق فنقل إلى المستشفى، وأجريت له عملية قلب مفتوح. ومنذ ذلك الحين لم يعد محيي الدين صبحي هذه الشعلة الأدبية المتوقدة بالذكاء اللماح. وكنت قبل أسبوع هتفت للصديق الكاتب عادل أبي شنب، وسألته عن محيي الدين، قال: كان إلى جانبي في حفل عشاء أقيم على شرف عمر الحامدي الناشط القومي الليبي المعروف، ولكن كان متعباً للغاية.

                

العدد 1155 –  15-8-2023  

آخر الأخبار
تسويق  14 ألف طن قمح في حمص تحضيرات امتحانات المحاسبين على طاولة "المالية" " صناعة حسياء " تصدر 46 قراراً صناعياً منذ بداية العام  الدفاع المدني يزرع قيم التطوع في نفوس الأطفال من بوابة الفن   الهيئة العامة للطيران المدني تنفي إغلاق مطار دمشق وتؤكد استمرار العمل دون عوائق  استرداد أكثر من 16 طن كابلات مسروقة بدير الزور القنيطرة.. تدريب النساء على تربية النحل والنباتات الطبية والعطرية  بعد المنحة التشجيعية زاد استلام القمح..  3400 طن قمح في مراكز دير الزور    علي خامنئي… مرشد الثورة وباني إمبراطورية الظل الإيرانية انطلاق امتحانات الفصل الأول في معاهد جامعة الفرات  هجمات جديدة.. ترامب يهدد وخامنئي يرفض الاستسلام ويتوعد إنتاج وفير لمشمش غوطة دمشق الشرقية  بين ضعف التسويق وانعدام التصدير   من الحرب الى التحدي الرقمي .. لماذا لاتصل التكنولوجيا الى السوريين؟  سوريا في قلب التأثيرات الاقتصادية. تضخم وازمة توريدات مخاوف من استمرار الحرب الإيرانية- الإسرائيلية... الأوقاف الإسلامية.. آلة مالية ذكية لإعمار المستقبل  ما تحتاجه سوريا اليوم خريطة وقفية اقتصادية   جديد الاقتصاد.. مديرية التقانة والتحول الرقمي تعزيزاً للاقتصاد..إقرار نظام جديد للاستثمار في المدن الصناعية نقل دائرة السجل المدني من جرمانا يفاقم معاناة الأهالي  The National Interest:  دول الشمال العالمي  مسؤولة عن نصف إجمالي الانبعاثات الكربونية  سوريا تختار الحياد.. التركيز على الشأن الداخلي وتعزيز الحضور الدولي