ثورة أون لاين:
تعرف الباحثة يارا معلا التشخيص بأنه جزء من الفن الذي يحول الإنسان من خلاله القيم الشخصية إلى رموز وآلهة وشخصيات أسطورية تحمل قيم الوعي بضرورة التجاوز لتحقيق وحدة الوجود وهذا ما تمثل في المنحوتات الأولى والتصاوير والنقوش والأختام القديمة.
وتحاول الباحثة المختصة بالفنون والتراث اللامادي تحقيق الصلة بين ماضي التشخيصية وحاضرها وكيف استطاع الفنان السوري أن يطبع التشخيص بطابع فترته في مختلف مراحل تطوره والأسس التي بنى عبرها الفنان المعاصر رؤيته لهذه التشخيصية وذلك في كتاب صدر مؤخرا بعنوان الفن التشكيلي السوري التشخيصية عن الهيئة السورية للكتاب.1
وتركز معلا في كتابها على مفهوم التشخيصية بشكل عام أي الإنسان كمجسد مشخص وكيفية التعبير والدلالة من خلاله وكذلك التقاسم والملامح والهيئات والتعبيرات والإيحاءات التي انعكست في التشخيص الذي لم ينقطع يوما عن التجلي في المنجزات الفنية بالرغم من الإشارات النقدية والإعلامية إلى قطيعة عامة حدثت في المنطقة ما بين مراحل التشكيل التشخيصي مشيرة إلى أن التشكيل العربي مازال بحاجة إلى إعادة ربطه بتاريخه الحقيقي.
وتشير معلا إلى أن اختيارها لموضوع التشخيصية بالذات إنما ينطلق من عدم وجود دراسة مشابهة لهذا الموضوع وضرورة تأكيد القيمة المنهجية التي يحتاجها الفن التشكيلي في سورية إضافة إلى الحاجة الملحة لتأريخ الحركة التشكيلية السورية مشيرة بهذا الصدد إلى الصعوبات التي واجهتها أثناء بحثها كعدم توفر المصادر اللازمة التي تغني فكرتها وعدم توثيق الفترات الأولى من التشكيل في سورية وصعوبة توفر معلومات عن تاريخ ومادة اللوحات التشكيلية والأعمال النحتية السورية الحديثة والمعاصرة بالإضافة إلى صعوبة الاتصال بالمحترفات الخاصة بالفنانين والافتقار إلى وجود مراجع علمية توثيقية أو متحفية.
ويتضمن البحث المزين بصور لنماذج بعض الأعمال التشخيصية المختلفة أربعة أبواب أساسية يحتوي أولها المفهوم الحديث لماهية التشخيصية وشمولية المعنى وخصوصية المنجز وأهمية العلائق الجسدية في تشكيل الموضوعات إضافة إلى لمحة تاريخية عن مصادر التشخيصية في التشكيل السوري ابتداء من العصر الحجري مرورا بحضارة المدن الكبرى في ماري وايبلا ثم العصر الهلنستي والروماني فالإسلامي بمراحله الأموية والعباسية والعثمانية وصولا إلى العلاقة بين التشخيص والاستشراق ودوره في صياغة الخطاب التشكيلي السوري.
وعنوان الباب الثاني هو الاشكال ويتضمن فصله الأول موضوع التشخيص الأيقوني عبر دراسة الأيقونة السورية وعلاقة ذلك باللوحة التدمرية وكذلك نمطية الانحياز التشخيصي واستراتيجيات التشخيص واحتواء المشخص على الرموز فيما يبحث الفصل الثاني الصلة بين التشخيص والفنون الإسلامية وعلاقة الفن المسيحي السوري بالفن الإسلامي واتكاء الخلفاء الأمويين على الفنانين المسيحيين بالإضافة إلى طريقة معالجة التصوير الإسلامي وخصائصه أما الفصل الثالث فيتضمن اشكاليات التحريم والموقف من الفن بشكل عام والتشخيص بشكل خاص من خلال الديانات المختلفة.1
ويحمل الباب الثالث عنوان الموضوع ويرصد في فصله الأول موضوع المرأة في التشخيص السوري والجهود المبذولة لإبراز دور المرأة في الحقب التاريخية والمعاصرة وكيفية التعامل مع اللقى الأثرية المشتملة على الأشكال الأنثوية ثم يتعرض لأهم الموضوعات التي كانت المرأة مركز اشتغالها كالأم والحبيبة والموديل وأم الشهيد والحلم والعروس.
ويطرح الفصل الثاني من الباب الثالث موضوعات التشخيصية في النحت السوري حاضرا وماضيا والسبل المختلفة التي تعامل من خلالها النحات مع الجسد البشري فيما تتحدث الباحثة في الفصل الثالث عن التشخيصية الشعبية مبرزة أهمية الفن العفوي عبر اللمحة التاريخية التي تجعلها نقطة عبور إلى الموضوعات والشخصيات الشعبية وفي الفصل الرابع يتم البحث في موضوع التشخيص والحرية والنزعة القومية والحروب والكوارث والنزاعات الأهلية وأهم الفنانين المشتغلين في هذا المضمار أما الفصل الخامس فيهتم بالتشخيصية والبيئة من حيث وضع الإنسان في فضائه وأهمية البيئة في إبراز الشخصية وصلة الجسد بالفراغ وظهور البيئة السورية في اللوحة التشخيصية.
وأخيرا يتناول الباب الرابع موضوع المذاهب كالتشخيصية التعبيرية والتشخيصية التكعيبية والتشخيصية الانطباعية والتشخيصية الواقعية ومن ثم التشخيصية المحدثة.
سانا