من خارج صندوق “تخفيف الدعم”

افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:

كل العالم يعرف بالرقم والمعلومة، ورأى بأمّ عينه بالصوت والصورة والوثيقة، كيف سرقت أميركا نفطنا، وكيف نهبت تركيا معاملنا ومصانعنا، وكيف استولى الإرهابيون على مناطق واسعة من أرضنا، وكيف دمروا زراعاتنا وأحرقوا محاصيلنا، وكيف قامت أداة واشنطن الانفصالية “قسد” بالسطو على قمحنا وثرواتنا وطوّقت مؤسساتنا، وكيف قطعت المياه عن أهلنا، وكيف مارس جميع هؤلاء سياسات التجويع والتعطيش والتهجير وكل قائمة الموبقات.

وكل العالم يدرك أن الدولة السورية، بعد كل هذا الخراب والحصار والعقوبات والسرقات والدمار، باتت تستورد نحو ٨٠ بالمئة من حاجتنا من القمح بعد أن كنا نصدّر للعالم ملايين الأطنان منه، وبعد أن كنّا من أوائل بلدان المنطقة بمسألة تحقيق الأمن الغذائي، وباتت تشتري المشتقات النفطية من الخارج بعد أن كانت تصدر قسماً منها حين لم تكن الحرب ولم يك “قيصر”، وأن مؤسساتنا النفطية لم تعد تنتج إلا ما يقارب الـ ١٨ ألف برميل نفط يومياً بعد أن كانت تصدر عشرات أضعافها.

وكل السوريين يعرفون جيداً أنه لولا هذه الحرب اللعينة والحصار الظالم والجائر لما وصلت الأجور والرواتب للعاملين في الدولة إلى هذا المستوى المنخفض جداً، الذي لا يسر المواطن ولا الدولة ولا الحكومة، ولما وصل الوضع المعيشي للمواطن إلى هذا الدرك، ولما انخفض سعر صرف الليرة إلى هذا المستوى، والكل يعرف أن كارثة الزلزال المدمر وتداعياتها والخسائر الناتجة عنها جاءت لتزيد الطين بلة، وترفع من فاتورة الحساب والوجع والمأساة.

وبالمقابل يدرك الجميع، مواطنون ومؤسسات، أن الفساد في إدارة الكثير من القضايا، كان سبباً آخر في هذا التراجع، وأنه لا يجوز حصر الأمر فقط بالحرب والحصار، ولكن أيضاً لا بد من التذكير بنتائجهما، وخاصة أن معظم ثرواتنا من نفط وقمح وسواهما مازالت بيد المحتلين وأدواتهم، ومازال الحصار على أشده، بل تتصاعد لهجة التهديد والوعيد الأميركي إن لم تلتزم الدولة السورية بالإملاءات الأميركية، كما أن واشنطن تحاول اليوم إعادة الأمور إلى نقطة الصفر ونسف كل ما بني على عودة سورية إلى محيطها العربي، بل ووضع ثقلها للتأثير في حلفائها لمنع أي استثمار في سورية، وحتى منع المغتربين السوريين من العودة والاستثمار وتخويفهم من أي خطوة قد يقومون بها.

أيضاً علينا ألا نغفل أن كل هذه المقدمات والأسباب يجب ألا تمنعنا من الحديث عن ضرورة وضع كل سياسات إعادة هيكلة الدعم، أو تخفيفه، أو حتى إلغائه، في إطار خدمة التخفيف عن المواطن وتحقيق الحد المطلوب لتأمين خبزه ودوائه ووسائل نقله وطاقته وتعليم أبنائه، ليس إلا.

أما إن أغفلنا أسباب ما نحن فيه، من حرب وحصار وعقوبات ونهب وسرقات، وإن تجاهلنا الفساد في مؤسساتنا العامة والخاصة، وإن لم ندرك حقيقة أن كل القرارات الحكومية يجب أن تصب في مصلحة الوضع المعيشي، فإننا نكون قد بنينا سوراً من من التجني على الحقيقة، فمن عرف المقدمات بشكل علمي أدرك مبتغاه في النتائج بشكل سليم.

مطلوب منا اليوم الاعتماد على ذاتنا، مطلوب منا أن نستعيد أدوات الإنتاج والعمل، وأن نسهّل للفلاح كل الأمور التي تجعله يعود إلى الأرض والزراعة والإنتاج، وأن نتحرك أكثر نحو الزراعة في كل شبر ممكن من أرضنا، والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة، لنحقق العدالة، وننصف الفقراء، ومن هنا علينا الإبقاء على ربطة الخبز بهذا السعر (200 ليرة) والبحث عن مصادر أخرى لرفع الأجور والمستوى المعيشي مرات أخرى، لأن الحكومة قبل المواطن تعرف جيداً كم حاجة الأسرة لتعيش.

نعم نمر اليوم بأصعب الظروف في تاريخنا الحديث، بسبب نتائج الحرب، واستمرارها بطرق شتى، وبسبب سرقة مواردنا واستباحتها من المحتلين وأدواتهم، وبسبب الفساد والهدر، ولكن هذا لا يعني التبرير بقدر ما يستلزم منا جميعاً، وفي المقدمة مؤسسات الدولة، التفكير من خارج الصندوق، والبحث عن حلول لرفع المستوى المعيشي بشكل علمي وممنهج، وبشفافية كبيرة، والبدء بالعمل من أصغر وحدة إدارية، وإصدار التشريعات التي تساعدها على الاستثمار والإنتاج، ولندرك أن الدعم لم يلغ نهائياً بل مازالت الدولة ماضية في مسار ترشيده وإيصاله لمستحقيه، ولندرك أيضاً ضرورة أن نشارك الخبراء في كل مجال بكل التفاصيل، لأن القراءات الصحيحة توصلنا إلى النتائج الصحيحة.

آخر الأخبار
سوريا تشارك في الاجتماع العربي السابع للحد من الكوارث بخطة وطنية دمشق تُعيد رسم خارطة النفوذ..  قراءة في زيارة الشرع إلى روسيا الاتحادية وزير الطوارىء: نحن أبناء المخيّمات..نسعى لإعمار وطنٍ يُبنى بالعدل أوضاع المعتقلين وذوي الضحايا .. محور جولة هيئة العدالة الانتقالية بحلب بعد تحقيق لصحيفة الثورة.. محافظ حلب يحظر المفرقعات تخفيض الأرغفة في الربطة إلى 10 مع بقائها على وزنها وسعرها محافظة حلب تبحث تسهيل إجراءات مجموعات الحج والعمرة  جلسةٌ موسّعةٌ بين الرئيسين الشرع وبوتين لبحث تعزيز التعاون سوريا وروسيا.. شراكةٌ استراتيجيةٌ على أسس السيادة بتقنيات حديثة.. مستشفى الجامعة بحلب يطلق عمليات كيّ القلب الكهربائي بحضور وفد تركي.. جولة على واقع الاستثمار في "الشيخ نجار" بحلب أطباء الطوارئ والعناية المشددة في قلب المأزق الطارئ الصناعات البلاستيكية في حلب تحت ضغط منافسة المستوردة التجربة التركية تبتسم في "دمشق" 110.. رقم الأمل الجديد في منظومة الطوارئ الباحث مضر الأسعد:  نهج الدبلوماسية السورية التوازن في العلاقات 44.2 مليون متابع على مواقع التواصل .. حملة " السويداء منا وفينا" بين الإيجابي والسلبي ملامح العلاقة الجديدة بين سوريا وروسيا لقاء نوعي يجمع وزير الطوارئ وعدد من ذوي الإعاقة لتعزيز التواصل عنف المعلمين.. أثره النفسي على الطلاب وتجارب الأمهات