الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
سمعت صوت حركة قريبة مني، تمنيت لو أن لي عيناً ثالثة، سارعت الخطى دون فائدة وحين التفت، رأيتها بملابس داكنة، تلك النظرة الثاقبة المنكسرة أفزعتني، كأن لديها شيئاً خطيراً، مريباً….
انتظرتها حتى تتابع السير، فعلاً جلست تحت إحدى الشجيرات في الحديقة وبدت بنظرات ذاهلة، دفعني الفضول للجلوس قربها، لم تشعر بي، ويبدو أنها لا تشعر بشيء مما حولها.
بينما أقرأ في كتاب شعري لنازك الملائكة، إذ بها تبادرني بسؤال: لو أنك عشت مع مخاوف فترة طويلة، واعتقدت أنها مجرد هواجس، إلى أن تأكدت أنها حقيقة وتجلت أمام عينيك مع كافة الدلائل، وأنا غير قادرة عن فعل أي شيء، كأني في كابوس، كل شيء يسير بالعكس عاجزة عن التحرك.
استمعت لها بإصغاء دون أن أتفوه بحرف، علني أفهم شيئاً مما تقوله…!
بعد وقت طويل شرحت فيه كل شيء، كأنها منومة مغناطيساً، أو غائبة عن الوعي، وإلا لما تحدثت بكل هذا الكم الهائل من التفاصيل عن حياتها لغريبة تراها للمرة الأولى…
وحين قلت لها فكرتي، أجابتني الأمر سيان فمن عرفناه عمراً كاملاً، ها هو يركل كل شيء ليبدر منه العجب، وكأنني لم ألتقيه ولم أعرفه ولم أعش معه كل المرات الأولى، ألهذه الدرجة يبدو فعل الخيانة سهلاً…؟!
قلت لها…ربما لا يرى الأمر على هذا النحو…؟
إذا كيف يراه…؟
أجبتها: ربما يعتبره حقاً، شرعته له قوانين المجتمع وأعرافه…!
ولكن ألا يهمه إلى الدرجة التي يؤذي بها مشاعر من عاشرته دهراً…؟!
شعرت أن أي جواب إنما هو حفر في الجرح، صمت، ودعوت لها بهدوء البال، ومضيت وأنا أضغط على قلبي، خائفة أن يفر من مكانه إلى غير رجعة.
العدد 1156 – 22-8-2023