الثورة – علاء الدين محمد:
مجموعة قصصية تحت عنوان (متحف النساء) للكاتبة نور الموصلي التي حازت فيها المركز الأول في جائزة الإبداع العربي في دورتها الخامسة والعشرين عام ٢٠٢٢ والتي طبعت في دائرة الثقافة بالشارقة.
حول هذه التجربة الإبداعية للقاصة والشاعرة نور الموصلي أقيمت ندوة في ثقافي المزة بدمشق شارك فيها كل من الدكتور عبدالله الشاهر والأستاذ أيمن الحسن وأدار الندوة الإعلامية رنا علي.
بدأ الندوة الدكتور عبد الله الشاعر معرباً عن سعادته في تناول هذه المجموعه التي جاءت تحت عنوان (متحف النساء ) للقاصه نور الموصلي وذلك لسببين الأول أنها طرحت في مجموعتها هذه أفكاراً جديدة ولافتة، وغير متروكه وهذا إبداع.. فالموهوبون كثر في بلادنا ولكن المبدعين قلائل.
الثاني كان أسلوبها في الكتابه سهلاً بسيطاً يبتعد عن الحشو الذي يوصل إلى الملل، فجملها قصيره موجزة مؤدية للغرض، وهي ميزة لافتة أن تعبر بأقل الكلمات عن فكره تصل إلى الآخر وأضيف سبباً جديداً هو أن الأفكار الجديدة تغني القارئ تحفزه وتنقله إلى عوالم أخرى، وهذا سر الأدب أن يضيف إليك، لا أن يكرر عليك، وبالتالي القاصة نور تستحق جائزه الإبداع بما تمتلك من ثراء فكري وتقص علينا أحسن القصص على الرغم من صغر حجم المجموعة، لكنها كانت كبيرة بأفكارها بعيدة في مراميها جميلة في أسلوبها.. فالجمال في الأدب أن يسحرك، أن يترك أثراً في ذاتك، وأن يضعك في دائرة التساؤل، وأن يضعك في مهب الريح تفكر فيما كتب.
متحف النساء عنوان يستدعي التوقف والانتباه
والعنوان هو المواجهة الأولى بين القاص والمتلقي وهو يشكل صورة بصرية ناطقة بحروفه، والحقيقة أن متحف النساء اختيار ذكي لأنه مؤثر ولافت إما في مضمونه أو في الموضوع، حين تدخل متحف النساء تبهرك الأفكار وتأخذك إلى ما لا تتوقع، إلى علاقة حب بين تمثال فتاة والعامل المسؤول عن تنظيفه، إلى جندي مرفوع القامة آلت به علاقته إلى منبطح على الأرض إلى الذين (يمشون على أربع) ولا يزالون، إلى الذين يرتدون الأقنعة إلى (اليوم الثامن) هذا اليوم اتفق معك على أن هناك يوماً ثامناً في الأسبوع، في الأسبوع ثمانية أيام ذلك لأننا نعيش عبر زمن الصيرورة الذي لا يمكن الخروج عليه والمطلوب أن نغير أوقاتنا لا أزماننا وبإمكاننا التحكم فيما يمكن أن يكون ثمانية أيام وإثبات ذلك أن شاباً يعيش في اليابان اخترع ساعة حول فيها اليوم إلى 30 ساعة، إذاً هناك يوم ثامن غير مفعل في حياتنا.
في متحف النساء تجد أياد خفية وخيوطاً ونهجاً ومشياً على السطور (قامات طويلة) وتجد أيضاً (طاولة الموتى) وقصص أخرى تشكيلة واسعة من الأفكار التي لا تنتمي إلى الواقع لكنها تعكسه وتؤكده وتنفيه عبر بكائية صادمة ودموع لا تغادر الأجفان، في متحف النساء دعوة صارخة للتحرر، فالنساء الدمى هن اللواتي في حيز مكاني لا يمكن تجاوزه، فالأخت الكبيرة التي حاولت أن تخرج من محدودية المكان إلى رحابة الوجود وحركيته وبكاء الأم على أمنية لم تتحقق وهنا تكون الفاصل بيننا وبين جنوحنا إلى المعرفة، والمعرفة هي الفضاء والتحرر من أسر المكان وإن بقاءنا على ثبات معارفنا سيجعلنا دمى.. أي هي دعوة للتحرر
النقطة الثانية التي أود عرضها في تلك المجموعة القصصية هي علاقة البشر بالإنسان فهناك خلل واضح بين بشريتنا وإنسانيتنا.
قصر في خيال
أما الكاتب أيمن الحسن يرى أن متحف النساء قصر في خيال مجنح جميل.
ورطتان يقع فيهما قارئ أي عمل أدبي جديد لتقديمه إلى الجمهور.
الأول أن يكون العمل غير ناضج، عند ذلك سيضطر القارئ إلى عرض محتويات العمل للتعليق على بعض المسائل الهامة فيه مثل لقطة طريفة.. موقف صادم، عمل بحاجة إلى تكثيف أكثر الخ..
ولا يوجد عمل أدبي لا يقبل التكثيف.
ثانيا.. أن يكون العمل ناضجاً وهنا لا ينفع العرض عليك أن تقدم للمستمع ما وراء الكلمات لكشف جوانب هذا العمل الفنية، فلا يفيد شيئاً العرض أو التعليقات السريعة المبسترة وهذه ورطتي الآن، الإبداع رافعة الواقع من البشر إلى الجميل ومن المعاناة إلى الحلم، أن يجمل الألم… من أين يأتي تميز متحف النساء حتى تنال الجائزة الأولى في مسابقة الشارقة للإصدار.
أولاً الفكرة المدهشة في خيال حاذق نحو عوالم القصص الغرائبية قصص في الواقع انتصار الإنسان على واقع القهر والطغيان، هذا الانتصار الذي تحرزه القاصة ولو عن طريق الإبداع.
تانياً بدء القصة من لحظة مأزومة في الفعل. ثالثاً حضور الدراما أو الصراع وكسر توقع القارئ في النهاية أو ما يسمى القفلة الحراقة…… لغة قصصية مكثفة موجزة ومقدمة باختزال وكأنما هي محددة بميزان من ذهب ويرى الكاتب أيمن الحسن أن هناك علاقة حميمية مع التماثيل والدمى فيمكن تقسيم المجموعة إلى ثلاثة مواضيع رئيسة.
أولاً صور عائلية وهذا القسم يركز على صورة الأب (البطريرك) أو ما يسمى العائلة البطريركية التي تخضع للأب خضوعاً مطلقاً ( قصة أياد خفية) قصة (على أربع)
ثانياً انتصار الحب وضعف الرجل أمامه ( انتصار التماثيل )
القسم الثالث يدخل في صلب عملية الكتابة وهي قصص ( أنا الراوي ) ( لسان من ورق ) التي تدلل فيها القاصة على أن الكتابة صوت من لا صوت له.