لعل الشق الأهم المتمثل بالقوانين والتشريعات هو كيفية تنفيذها من خلال تعليمات واضحة وصريحة لا تقبل أي تفسيرات أو تأويلات، فمشكلتنا لم تكن بالقوانين وإنما في طبيعة التعديلات التي تجري وآلية الاتفاق عليها.
من هنا يأتي الاهتمام الحكومي بتطوير التشريعات والقوانين، حيث شكلت الحكومة في العام ٢٠١٨ هيئة تضم خبرات فنية وقانونية في مجلس الوزراء مهمتها الإشراف على التشريع من الناحية الشكلية والوظيفية، إلا أننا لم نعد نسمع عنها أي شيء.
وكالعادة في كل خطوة حكومية لتطوير أو دراسة أي قرار يتم تشكيل اللجان ويعقد عدد من الاجتماعات وتكون نتيجتها تأسيس قاعدة بيانات وتكليف الجهات كافة بموافاة الحكومة بالتشريعات الناظمة لعمل كل جهة ومقترحات للتطوير.
فحسب الأرقام الرسمية هناك أكثر من ٦٤٩ تشريعاً صدر منذ العام ٢٠٠٠ حتى وقتنا الحالي منها أكثر من ١٩٠ تشريعاً بحسب الدراسة التي تم إعداها بحاجة إلى تعديل.
هذا يعني أننا لسنا بحاجة إلى مزيد من القوانين والتشريعات بقدر ما نحن بحاجة إلى إعادة النظر في القوانين التي لم تطبق على مدى سنوات طويلة وتعديلها بما يتناسب مع الوضع الراهن والتأسيس للمرحلة القادمة والأهم من كل ذلك تبسيطها قدر الإمكان بالشكل الذي يحقق المصلحة الوطنية العليا.
فالتغير في البنى التشريعية لا يعني الاستهتار ولا يعني العبث بل يعني أن ثمة حاجات حيوية للناس لم يعد بمقدور القوانين الحالية تلبيتها وبالتالي هي تحتاج إلى تدوير زواياها لتغدو أكثر قابلية على تقديم الخدمة المثلى للناس بعيداً عن الروتين وشكل التشريع لا جوهره.
مع حزمة القوانين والتشريعات التي أقرّ بعضها فيما ينتظر صدور غيرها أو تعديله يبقى الهدف أن يكون رجع الصدى لتلك القوانين إيجابياً عند الناس وبالتحديد تلك التي على تماس مباشر بحياة المواطن والتي تحتاج بين حين وآخر إلى مراجعة وتبديلات وأحياناً تغيرات لتبقى على صلة وثيقة بتقديم الخدمة القانونية له وفق مصلحته الحقيقية المتوازنة لا مصلحة الفعاليات المختلفة الضيقة على حسابه، فهل يترجم ذلك على أرض الواقع؟