الثورة – ديب علي حسن:
لم أكن أعلم اني للمرة الأخيرة أتحدث إلى الزميل الراحل هزاع عساف يوم الخميس قبيل الانصراف من العمل ..قرب المصعد تحدثنا قليلا وقبلها بساعات كنا نتفق على ملف للعمل حول رسول حمزاتوف الشاعر الداغستاني ..
هزاع عساف الزميل الانيق والراقي سلوكا وفكرا وقدرة على التعامل مع الزملاء جميعا بروح المحبة والتواضع والقدرة على النقاش الهاديء الذي يثري العمل دون الأستذة على الآخرين أو تصيدهم .
في ممر الطابق السادس حيث معظم دوائر التحرير الثقافة والمجتمع والاقتصاد والدراسات والرياضة والرقابة كنت تخرج لفسحة من الراحة والتقاط النفس ..
اسمع صوتك هناك وسيبقى ملء المكان هادئا يرحب بالجميع …
في مكتبك حين أتيت إليه انت قلت لك مباركا : بقيت في الطابق السادس قرابة خمسة عشر عاما لم ادخل هذا المكتب ابدا ..لكنني اليوم وكلما أتيح لي سوف ازورك لأنك الإنسان اولا وقبل كل شيء ولأنك من حبر العمل اليومي..
هكذا على طاولة مكتبك وعطر حبرك تودع هذا العالم ..
ما أقسى ان نمضي دون أن نعرف أو نقطف ثمار زرع طال انتظاره..
ذات يوم قال أحد الصحفيين: نملأ الصفحات ونذوب لتكون النهاية نعيا بسطرين أو أكثر في الصحيفة.
لكن ماذا لو قلنا : اننا الباقون ولو رحلت أجسادنا ..لسنا خبرا عابرا ولا تختزل حياتنا برحيلنا ..
دمنا حبرنا كتبتها ذات يوم ومازلت ارددها وسابقى وها انت اليوم تمضي في موكب اليقين وحبرك دمك
التالي