بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
كانت كلمات السيد الرئيس بشار الأسد أثناء عقد القمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة “خانجو” حول التوافق على الانطلاق نحو مرحلة جديدة في تعزيز علاقات البلدين، وفتح آفاق أوسع للتعاون الثنائي في كل المجالات بما يخدم مصلحتهما، وتحديداً في مشاركة سورية في مبادرة “الحزام والطريق”، تجزم بأن ما تم الاتفاق عليه، وما تم البناء عليه، يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ العلاقات السورية الصينية سنجد انعكاساتها الإيجابية ليس على سورية فحسب بل على المنطقة برمتها.
فالعناوين يمكن قراءتها من كل تفصيل دقيق، فليست حفاوة الاستقبال للرئيس الأسد وحدها الشاهد، بل إن إصرار القيادة الصينية والرئيس شي جين بينغ على الحديث المطول عن دور سورية التاريخي في دعم وحدة الصين وفي عودتها لمقعدها في مجلس الأمن، وعما جرى في سبعينيات القرن الماضي، ودعم بكين لسورية في مجلس الأمن من خلال “الفيتو” بوجه الغرب، يؤكد بشكل جازم أن بكين تريد رفع مستوى الدعم لسورية وتريد دوراً أكبر في المنطقة العربية برمتها، والانطلاق سيكون من بوابة المتوسط، أي سورية، التي كانت والصين ترسمان خارطة العالم الاقتصادية عبر “طريق الحرير” منذ القدم، وها هي تعيد إحياءه عبر مبادرة “الحزام والطريق”.
وهذا الكلام هو تماماً ما عبر عنه الرئيس الصيني بقوله: “العلاقات السورية الصينية صامدة أمام تغيرات الأوضاع الدولية منذ 67 عاماً ومازالت الصداقة بين البلدين راسخة مع مرور الزمن”، معلناً عن إقامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين كحدث مفصلي مهم في تاريخ العلاقات الثنائية في وجه الأوضاع الدولية غير المستقرة، ومعرباً عن حرصه على بذل جهود مشتركة بشكل مستمر لتبادل الدعم الثابت بين البلدين وتعزيز التعاون فيما بينهما للدفاع عن العدالة والسلم الدوليين.
باختصار بكين باتت عازمة على طي صفحة القطبية الأحادية التي تنتهجها الولايات المتحدة، ولن تسمح للولايات المتحدة بالاستمرار بفرض قوانينها ورؤاها على العالم، فالمتغيرات مع صعود الصين باتت أعمق مما تستطيع واشنطن هضمه، وهي متغيرات تتوالد بسرعة البرق، وتمهد لبروز نظام عالمي جديد يطوي صفحة النظام الأميركي أحادي القطب، ويشكل مرحلة بناء عالمي جديد يحترم الشعوب ويحافظ على استقلالها ويحمي حقوق الإنسان في طول العالم وعرضه.
فاليوم التنين الصيني يصعد ليملأ الفراغ في كل محيطه، وصولاً إلى غرب آسيا وحتى أوروبا، وبعيداً عن الهيمنة الأميركية، وسورية تتفق مع الصين في المبادئ والرؤى والمصالح، وفي ملف “الثورة” السياسي اليوم نتابع مجريات قمة “خانجو” ونتائجها الإستراتيجية على كل الأصعدة، ونلتقي مع عدد من الباحثين والمحللين السياسيين للاطلاع على وجهات نظرهم في هذا الحدث المفصلي المهم.