الثورة – هفاف ميهوب:
كلّما توالت ليالينا المُظلمة، صامتة وخالية من جدوى سهراتنا، استيقظ الماضي الجميل، واستدعى “كان يا مكان” وحكايا أجدادنا.. الحكايا الشعبية الباقية بمكانتها وجماليّتها وأثرها، والتي تذكّر بموهبة العرب والهنود، وبراعتهم في ابتكارِ وتدوين، أشهر وأهم ما انتشر منها.
إنها حكايا التراث المستمدّة من خصبِ خيالهم، وقد أبدعوا في سبكِ معانيها وانتقاء مضمونها، وغير ذلك مما عرّف كلّ العالم بهم وبإبداعهم..
من الشرق تمّ نقل هذه الحكايا إلى كلّ العالم، لتمتزج بفنون شعوبه الإبداعية.. الشعوب التي لا زالت تترجم هذه الحكايا، وتتناقل مصطلحاتها ومضامينها وأسماء أبطالها، كإبداعاتٍ تراثية، أسطورية، خيالية، شعبية.
أما عن بداية هذه الحكايات، فكانت تُروى بلسان الرجل القديم والبسيط، لتخفيف أعبائه، وتبديد مخاوفه وهواجسه، وضمن واقعٍ كان همّه الأكبر فيه، تأمين لقمة العيش لزوجته وأولاده.. أسرته التي كان يقصّ عليها، وبعد عودته من رحلاته الطويلة والشاقة، في الرعي والصيد والزراعة، ما كان يتعرّض له من أهوالٍ ومخاطر، وكيفية مواجهته لها ولقوى الطبيعة، مثلما لما يصادفه من الحيوانات الشرسة والمفترسة..
كان يقصّ ذلك، مضيفاً تخيلاته التي كانت تجسّد الكثير من القصص الخرافية، لتقوم زوجته بدورها، بقصّ ماتعرّضت له خلال غيابه، ومن مغامراتٍ حوّلت قصصهما معاً، ومع مرور الأيام وتقدّم المجتمعات، إلى حكايات يرويها الكبار للصغار، باللهجة العامية.
هكذا بدأت الحكاية الشعبية، التي انتصر فيها الإنسان البدائي على كلّ ما كان يعترضه، وليس ذلك فقط لطالما، بدأت المجتمعات تتناقلها، إلى أن شكّلت موروثها الذي طوّرته..
إن ما تناولته هذه القصص في مضمونها، هو مشكلات الفقراء والمظلومين، وسِير الأبطال المضطهدين والمتمرّدين.. مثلاً: “سيرة عنترة” و “علي الزيبق” وأبو زيد الهلالي” وغير ذلك مما تحوّل إلى إبداعات عالمية، استُثمرت في أكثر من مجالٍ فني، ولازالت وحتى يومنا هذا، تُعتبر من أهم وأشهر، ما تمّ تناقله وحفظه في ذاكرة الإبداعات التراثية.
تناولت أيضاً، حكايا تعتمد على ابتكار صدف ومفاجآت وكائنات خارقة، مثل “سندريلا والأمير” و “ليلى والذئب” و “علي بابا والمصباح السحري” و “السندباد البحري”، وغير ذلك من القصص التراثية المشوّقة والباقية.
أما عن الهدف من جميع هذه الحكايا، فالحضّ على القوّة، الفضيلة، الشجاعة، الشهامة، المحبة، التضحية، وسواهم مما يجذب إلى السلوك الأخلاقي والوجداني والإنساني، وينفّر من الحاقد والخائن والشرير والأناني..
السابق