الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
إلى القلقين الذين يبنون حلماً والمبدعين الذين يفتقرون للسكون، قلقهم هو الدائم، « احذروا هذا الوحش المفترس»، حسب تعبير «بودلير»، قلقٌ عانى منه شيخ الرواية السورية» حنّا مينا» وحين وضعه في دائرة الطمأنينة، قال له :» فإذا أُخذتُ بإغرائها، انتهى كل شيء: الإبداع، والحبّ، وربّما العمر نفسه».
قلقنا ليس قلق الفكر الذي يعترينا ككتاب وصحفيين وشعراء وحسب، بل قلق نتشاركه جميعناً وهو «النقيصة الملعونة « التي تتجلّى في استعجالنا الوقت غير منتبهين إلى أننا باستعجاله، نقتربُ من نهايتنا، لانقضاء اليوم الذي نعيشه، يقرّبنا نقلةً، من النهاية.
قلقنا هو قلق الحبر والحركة والحياة، قلق لا يجعلنا نرضخ للواقع المسكين، لأننا نعيد توازن الوقت، الذي يتنصل منّا، ونقترب من النهاية فلا شعور لدينا إلا أننا نطمح للمزيد من الحبر والقلق لنبدع ونولد الزوايا والمقالات والروايات والكتب، نرهق أنفسنا بالعمل جاهدين، نعصر بنات الأفكار على طاولة العمل كشهيد معركة طويلة، وحده القلق يذيب سعادة مولودنا الجديد، ووحده «الامتلاء الذي يستشعره المبدع قبل الإفراغ، يعود إلى ضغط مخزون التجارب عليه، والضغط يسبِّبُ إرهاقاً عصبيّاً، عند المبدعين الكبار وحدهم، لا عند كلِّ من أمسكَ قلماً وخطَّ حرفاً!.. وهذا المخزون من التجارب يبهظ النفس، موّلِداً فيها شعوراً بالرغبة في أن يتخفّفَ المبدعُ ممّا يعانيه»، يطمح أن يبدّل كل ما حوله بجرةِ قلمٍ، فينصهر ويتلاشى ويبقى الحبر.
إلى كل من رحل عنّا وبقي حبره النقيّ لروحك كل السلام والطمأنينة التي نرنوها ونحن على قيدِ الحلم.
العدد 1161 – 3-10-2023