افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
تتلاحق الصور القادمة من داخل فلسطين المحتلة، وتغص بها الشاشات، وتتزاحم الأخبار، التي يقر بها المحتل الإسرائيلي قبل غيره، فموقع صهيوني يوثق بالصور و”الفيديوهات” هروباً جماعياً للمستوطنين وسط تشكيكهم بقدرة جيشهم على حمايتهم، وآخر ينشر خبر أسر المقاومة الفلسطينية لعشرات الجنود والمستوطنين، وصحيفة للكيان توثق خبر اختراق المقاومين لموقع عسكري وفقدان جيش الاحتلال الاتصال مع جنوده.
قبل ذلك بساعات توثق مراكز بحوث الكيان الإسرائيلي ووسائل إعلامه وقنواته مقتل أكثر من ١٠٠ من جنود الاحتلال وإصابة أكثر من ١٠٠٠، وأرقام القتلى والمصابين مرشحة للازدياد الكبير كل دقيقة، ووزير أمن الاحتلال يعلن حالة الطوارئ، ويعلن الحرب على “غزة” فيصب الكيان جام غضبه وإرهابه على المدنيين الأبرياء، فيستشهد وفق آخر إحصائية، وخلال ساعات فقط، “198” فلسطينياً ويجرح أكثر من 1600 جراء العدوان الغادر.
كل هذه الأخبار تؤكد بشكل جازم جملة من المعطيات والمسلمات أولاها أن معركة “طوفان الأقصى” فاجأت الكيان الغاصب وأكدت لحكامه أن أصحاب الأرض والحق بإمكانهم أن يحققوا تحولاً نوعياً في إطار صراعهم مع من اغتصب أرضهم، ومع من ينتهك حقوقهم بشكل يومي ويعتقل أبناءهم، ويمارس كل أشكل الإجرام بحقهم صباح مساء.
هو التحول النوعي الكبير بتكتيكات المقاومة الفلسطينية صاحبة الأرض، وهو عنصر “المفاجأة” اللذان صعقا حكام الكيان وجنرالاته وجعلهم يعيشون ساعات من الحالة الهستيرية، ولم يجدوا سوى العدوان بصواريخهم وقنابلهم على الأطفال والنساء والشيوخ وقتل الأبرياء من المدنيين.
وثانية هذه المسلمات أن المقاومة الفلسطينية امتلكت زمام المبادرة بكل ما يحمله الحدث من دلالات كبرى في سياق الصراع بكليته، وفي سياق المعارك الدائرة منذ فجر اليوم بجزئيته.
وثالثتها أن أصحاب الأرض منتصرون على المحتلين لا محالة، مهما دعم الغرب هؤلاء المحتلين، ولن يستطيع اليوم، ولا غداً أن تثبت واشنطن ومن يدور في فلكها الاحتلال والاستيطان، ولن يملك الإرادة السياسية لفعل ذلك.
اليوم معركة “طوفان الأقصى” تسجل سطراً جديداً على طريق إنجاز الحقوق الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف، وتثبت أن الطريق الوحيد لنيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني هي المقاومة بكل أشكالها.
اليوم “طوفان الأقصى” تظهر عجز الاحتلال الصهيوني أمام إرادة الشعب الفلسطيني وأمام إيمانه بحرب التحرير الشعبية والكفاح المسلح من أجل تحرير أرضه، والدفاع عن مقدساته، وتحرير أسراه، وإعادة حقوقه المسلوبة.
اليوم هذا التحول إلى المبادرة بالفعل، وخوض المعارك، والنجاح في اقتحام حدود غزة، وإطلاق الصواريخ على كل الجغرافيا الفلسطينية، والتمكن من السيطرة على مستوطنات الكيان وقتل جنوده، ليست حالة نادرة في مقاومة الشعوب، بل هو تحول طبيعي في مجريات الصراع الحتمي بعد كل هذا الإرهاب الصهيوني والخذلان الدولي والأممي.
اليوم تعود أسطورة تشرين التي طوت صفحة ما سمي “الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر” فتطوي “طوفان الأقصى” تفوقه العسكري والاستخباري وتسقطه بلحظات، وتحطم غطرسته وغروره.
اليوم يدرك الكيان الإسرائيلي أن المقاومة الفلسطينية ستدحر إرهابه وتحرر أرضها وإنسانها، مثلما تستمر سورية بدحر أدوات هذا الكيان من التنظيمات الإرهابية التي تنفذ أوامره وخططه العدوانية، وآخرها عدوانه الآثم على الكلية الحربية، فيتخبط حكام الكيان بعد هزيمة أدواته وبعد الحدث الأكثر استراتيجية الذي تختبره الساحة الفلسطينية.
اليوم فلسطين تستنسخ “سيف القدس” وتستنسخ “الشيخ جراح” وكل مخيم ومدينة وقرية فلسطينية.. وغداً سيضطر الكيان الغاصب للاعتراف بعجزه، وسيسطر الفلسطينيون معاني الحرية وحروف الفجر الجديد، وسيمحون كل آثار النكبة والنكسة والاستيطان والإرهاب والجريمة الصهيونية المنظمة إلى غير رجعة، حتى لو قدموا المزيد من قوافل الشهداء، كما هو اليوم في معركة الطوفان.