ها هي حقيقة الكيان الصهيوني تتجلى بشكل واضح أمام أعين العالم أجمع، فمن مارس الإجرام والإرهاب والعنصرية وارتكب المجازر ضد العرب، وخاصة الفلسطينيين، على امتداد عشرات السنين دون أن يرف له جفن، ودون أن يحسب حساباً لأحد، ها هو اليوم يلوذ بالفرار من مستوطنة إلى أخرى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولم تسعفه أسلحته ولاكل أدوات القتل الأميركية والأوروبية بمواجهة إرادة مقاوم فلسطيني سلاحه الإرادة والإصرار على انتزاع حقه وحق شعبه بالحياة بعد أن تواطأت ضده معظم دول العالم وخاصة ممن تدعي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
فاليومان الماضيان كشفا للقاصي والداني أن الاحتلال مهما امتلك من أدوات الموت والقتل والتدمير فهو أعجز من أن يواجه من آمنوا بقضيتهم العادلة، وقدموا أرواحهم ودماءهم في سبيل تحرير أرضهم وشعبهم من أبشع احتلال يعرفه التاريخ.
وقد أثبتت عملية طوفان الأقصى التي بدأتها المقاومة الفلسطينية السبت الماضي أن الاحتلال الإسرائيلي يعيش تحت كذبة كبرى اسمها (التفوق العسكري والتقني)، وهذه الكذبة لم يعد لها مفاعيل على أرض الواقع بعد اليوم، وذلك بعد أن استطاع الشبان الفلسطينيون المقاومون أن يتسللوا وأن يباغتوا جنود الاحتلال وضباطه داخل قواعدهم العسكرية المحصنة، فقتلوا من قتلوا وأسروا من أسروا وهم بالمئات، الأمر الذي أدخل الكيان الصهيوني في مأزق وإرباك لم يعرفه منذ أيام النكبة عام 1948، لدرجه أن جنود الاحتلال صاروا يقتلون بعضهم بعضاُ نتيجة للفزع والهستيريا التي يعيشون فيها خوفاً من المقاومة وسلاحها حتى وإن كان بدائياُ ويدوياً.
ومن يدقق اليوم في المشهد العام داخل الأراضي المحتلة يلاحظ حالة الفزع والخوف والإرباك التي يعيشها الصهاينة سواء كان ذلك في صفوف جيش الاحتلال أو بين المستوطنين وصولاُ إلى حكومة العدو وعلى رأسها الإرهابي بنيامين نتنياهو، مقابل ثبات المقاومة وأقدامها وقدرتها على اجتراح المعجزات العسكرية والعملياتية في فاصل زمني قصير، فهذا المشهد ومتغيراته يختصر جملة من الحقائق التاريخية ويؤكدها، وليس أقلها أن الاحتلال الإسرائيلي كغيره من الاحتلالات سيزول من الوجود عاجلاً غير آجل، وأن طوفان الأقصى استكمال للانتصارات السابقة للأمة العربية من تشرين عام 1973 إلى كل المراحل التي حققتها المقاومة من عام 2000 إلى يومنا هذا.
