حرب فلسطينية شاملة شُنَّت لتنتصر

محمد شريف جيوسي
لم يخطر ببال الكيان الصهيوني أن الشعب العربي الفلسطيني المكبل باحتلال وحصار وتشرذم جغرافياً وديمغرافياً، وبواقع داخلي وخارجي بأعلى درجات السوء، وبعد قرابة 8 عقود من قيام الكيان الغاشم، وقرن وعقد من وعد بلفور ـ يمكن أن تقوم لهذا الشعب قائمة، وأن يقدر على إنزال ضربات مضجعة وموجعة بالمستعمرة الصهيونية، في وقت ينشغل العالم فيه بأكثر من قضية وصراع.
والدول العربية إما منشغلة بأوجاعها التي جرّها عليها الربيع الأمريكي وحصاراته، وإما بإحصاء (حسنات السلام الإبراهيمي)، وإما بالحفاظ على أمنها الوطني من أن تمسها رياح السّموم  الغربية فتعمل بحدود طاقاتها المضرجة بالقلق، وإما هي دول صغيرة أعجز من صنع أي شيء، وإما هي دول بالكاد تحل مشكلاتها الداخلية المتنامية والحفاظ على وتيرة المنح والهبات والقروض المدمرة لاقتصاداتها واستقرارها وسلمها المجتمعي؛ همها إرضاء السيد المطاع وتنفيذ الأوامر ومتطلبات الرضى بكل (إخلاص وحرص وأمانة)، وإما هي تتنقل في سياساتها بين المتضادات لا تعلم أين تضع بيوضها الحاسمة؛ ساعة حسمٍ قد تكون قادمة قريباً.
في هذا الواقع العربي المؤلم، والنفاق والتواطؤ الدولي الغربي، وبدعم أقرب للخيال للكيان الصهيوني، وانشغال من يمكن في هذا العالم أن يكون إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة المشهودة  ـ في ترتيب نظام عالمي جديد، يضع حداً لما هو عليه من سرقة لثروات الأمم والدول والشعوب، ومن قسر وعسف وقهر وظلم واضطهاد وحروب واحتلالات وفتن وثورات ملونة وإرهاب  وتجارة بشر وتشويه للقيم السوية والإنسانية.
في هذه اللحظة التاريخية المنصرفة عن الاعتناء بالشعب الفلسطيني، الوطن والقضية واللجوء، يسطر الفلسطينيون قاعدة جديدة لمعنى اللحظة التاريخية المناسبة للحرب أو للثورة أو للانقضاض على المحتل أو المستعمر وتحرير الأرض والإنسان واستعادة الحقوق، بحيث تتم في أسوأ الظروف الذاتية والموضوعية، عندما يبلغ القهر أوجه وذراه وعسفه وطغيانه وبأسه، بحيث لا تتساوى الحياة مع الموت، بل عندما يصبح الاستشهاد أولى من حياة ذل وقهر واستعباد وطغيان وامتهان للكرامة وصلف متصل لانهايات ظاهرة له.
هذه لحظة تاريخية، أنجع من لحظة تاريخية تستولدها ظروف ملائمة ذاتياً وموضوعياً، تأتي (منمقة يسيرة)، تقول لأصحابها أن تعالوْا لقطف الثمار.
بهذا المعنى، فإن حرب الشعب الفلسطيني هذه على الكيان الصهيوني هي حربه الشاملة الأولى عليه ( عدا هبَّاته وثوراته العديدة: هبّة 1929، وثورة 1936، والكفاح المسلح 1948، والثورة الفلسطينية مطلع 1965، وانتفاضة أطفال الحجارة أواخر 1987، والإنتفاضة الثانية..) هذه حرب شاملة بشّرت بقدومها مشاريع المقاومة في الأعوام ألـ 3 الأخيرة بصنوف مستجدة من أشكال العمل النضالي، ومشاركة عرب 1948، وكتيبة جنين وعرين الأسود وطولكرم.. وغيرها، والتي كشفت جميعها نقاط ضعف العدو، وكرَّست نقاط قوة الفلسطينيين.
وفي هذا السياق يحسن عدم الانجراف وراء زهو الانتصارات على العدو الصهيوني أو الركون إلى نقاط ضعفه وجبنه، بل الثقة بالقدرات برصانة وحذر، ومن المهم عدم الثقة بكل ما ينشر العدو عن الحرب ففيه ما هو للتضليل، وإن بدا ذلك في الصالح الفلسطيني، وعدم استعارة أمرين متباينين منه؛ سواء حجم ما يصيب الجبهة الفلسطينية من جهة أو حجم خسائره من جهة أخرى، فهي إما لاستهلاك داخله تفرضها صراعاتهم، أو اإبتزاز الغرب واستقدام مزيد من الدعم العسكري والمالي والإعلامي وكسب مزيد من التعاطف الدولي.
ومن الملاحظ أن الإعلام الغربي ( وينجرف خلفه أغلبية الإعلام العربي سواء عن تعمد أو جهل ) يركز على اسم معين دون المشاركين الآخرين، وكأنه الوحيد وراء هذه الحرب الفلسطينية الشاملة فصائلياً وشعبياً.. كما يختصر النضال على جغرافيات معينة، وكأنها قطع منفصلة عما عداها من الوطن الفلسطيني أرضاً وشعباً، وفي هذا خطر مستقبلي على مجمل القضية الفلسطينية، وسيساعد إن استمر على تمرير مشروع انفصالي بديل، يجري أمريكياً الإعداد له، واختصار الشعب الفلسطيني وقضيته وآماله مجدداً به، أي اختصار المختصر، وتعويض الربيع الأمريكي الإخواني عن الفشل بهذا الجزء المقتطع من فلسطين؛ عن كل ما وعد به مكتب الإرشاد الإخواني العالمي، ولم يوفق في تحقيقة من المغرب حتى العراق، بعد تعطل مسيرته في سورية، فانتكاسته في مصر وأخيراً في المغرب وتونس، وتعثره في ليبيا واليمن.
بكلمات، هذه الحرب الفلسطينية الشاملة الأولى على المشروع الصهيوني التي يقتنص الشعب الفلسطيني فيها اللحظة التاريخية الأقسى والأصعب والأكثر مشقة وتضحيات في تاريخ قضيته  بعيداً عن ردات الفعل، وممهدة بكل أسباب الحرب المعدة جيداً وتتلخص فيها خبرات ورؤى علوم عسكرية، وليس مسموحاً لها أن تفشل بل شنت لتنتصر، على أن لا تسرق وتصبح سلّماً لأجنداتٍ عقيدية وسياسية صغيرة أو حتى ( كبيرة ).

آخر الأخبار
محافظ حلب : دعم القطاع التجاري والصناعي يشكل  الأساس في عملية التعافي د. الرداوي لـ "الثورة": المشاريع الكبرى أساس التنمية، والصغيرة مكمّلة مبادرة "تعافي حمص"  في المستشفى الجامعي اندلاع أكثر من عشرة حرائق في اللاذقية وإخماد ثلاثة منها حريق يستعر في حي "دف الصخر" بجرمانا وسيارة الإطفاء بلا وقود تسريع إنجاز خزان المصطبة لمعالجة نقص المياه في صحنايا صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق