عمليات تجميل تؤدي إلى الوفاة.. أطباء: ضرورتها لمعالجة التشوهات الخلقية.. والخطورة في إجرائها من غير مختصين
الثورة- تحقيق بتول عبدو:
حلمت بقوام رشيق وخصر منحوت وقالت في نفسها: لماذا لا أضرب “عصفورين بحجر واحد ” فأثناء العمل الجراحي الذي سأقوم به قريباً، لما لا أطلب من طبيبتي النسائية أن تجري لي عملية شفط الدهون وشد البطن بذات الوقت، سهى التي تبلغ من العمر ٤٥ عاماً شارفت على الموت بعد عملية نسائية أرفقتها بجراحة تجميلية ظناً منها وبحسب تطمينات طبيبتها أن الأمر ممكن ولا داعي للخوف والقلق (كلها أسبوع وبرجع لحياتي الطبيعية) لكن ما حدث عكس ذلك والمضاعفات كانت خطرة والآثار الجانبية كبيرة والتشوهات التي أصابت جسمها تستدعي الوقوف عند حالتها كثيراً فكيف لطبيب اختصاص نسائية مثلاً أن يجري عملية قلب مفتوح، وكيف لمريض أن يسلم روحه قبل جسده لأياد غير مختصة بإجراء أي عمل جراحي مهما كان بسيطاً!تداخلات كثيرة وأخطاء كبيرة يقع فيها الأطباء والمرضى على حد سواء، الطبيب الذي يتعدى على اختصاص غيره والمريض الذي يسلم نفسه لطبيب دون التأكد من تمكنه باختصاصه وعدم تشعبه واجتهاده أثناء الجراحة إلا باستشارة أخصائي آخر.
سهى شارفت على الموت ومثلها كثر وحالات كثيرة سمعنا عنها مؤخراً توفوا بعد خضوعهم لعمليات تجميل مختلفة ولأسباب عدة أهمها خطأ طبي أو طبيب يتعدى على اختصاص آخر و في المقابل عانت لمياء لسنوات من وزنها الزائد الذي سبب لها أمراضاً أخرى، ما أوجب عليها الخضوع لذات العملية التي أجرتها سهى ولكن دون مضاعفات بل على العكس زالت بعدها كل ما عانت منه من أمراض السمنة.
قواعد الجمال الصحيحة
جميعنا نساء ورجال فتيات وشباب نسعى لشباب دائم ولنظهر بأجمل صورة شرط أن نتبع للوصول إلى هذه الصورة قواعد صحيحة وصحية آخذين بعين الاعتبار أن كل إجراء من هذا النوع مهما سهل ومهما كان بسيطاً له إيجابياته وسلبياته وهذا ما يؤكد عليه دكتور التجميل فهد شريباتي رئيس الروابط العلمية التخصصية في نقابة أطباء سورية الذي بين أن الجراحة التجميلية والتصنيعية تنقسم إلى قسمين كبيرين وهما جراحة الترميم وجراحة التجميل، الشق الترميمي يهتم بإصلاح التشوهات الولادية والعيوب التي تلاحظ منذ ولادة الطفل والتشوهات المكتسبة التي تنجم عن أذيات الحروق والجروح والحوادث والرضوض العامة والإصابة بالأورام والأمراض الأخرى التي تخلف تشوهات في الجسم، ناهيك عن علامات التقدم بالعمر وترهل الجسم بعد الولادات وخسارة الوزن.
أمثلة على ذلك تغيرات في حجم الأثداء بعد الولادات المتكررة أما أن تكبر أو أن تترهل وتصغر أو بعد استئصال الثدي بسبب ورم مثلاً كل هذا يستدعي إجراء عمليات تجميلية وتصنيعية للثدي الذي طرأ عليه تشوه معين بالإضافة لعمليات شد البطن المترهل بعد عمليات قص المعدة أو الحمول والولادات المتكررة وكذلك عمليات شفط الشحوم المتراكمة في الجسم بأماكن متعددة وعمليات شد الذراعين والفخذين وتجميل الأنف وشد الأجفان العلوية والسفلية وعمليات شد الوجه والعنق وكل من هذه العمليات قد يكون بقصد الترميم أو بقصد التجميل حسب كل حالة فمثلاً قد يصاب جلد الجفن بورم جلدي يستدعي استئصاله فهنا دور الجراحة الترميمية يكون بإجراء تعويض لهذا الجلد المستأصل من الجفن بحيث يستعيد معه الوظيفة والشكل وهكذا لبقية العمليات.
الشباب مطلب الجميع
ويتابع الدكتور شريباتي : هناك إجراءات غير جراحية تجرى بقصد استعادة شباب المظهر ويتجلى ذلك بحقن مواد مالئة تحت الجلد لتخفيف التجاعيد والبوتوكس وغيرها من الإجراءات غير الجراحية وهنا تكمن الخطورة في أمرين الأول أن تستخدم مواد غير صالحة وغير آمنة والثاني أن الذي يقوم بهذا هو شخص غير مؤهل علمياً أي أنه ليس بجراح تجميل إنما قد يكون طبيباً من اختصاص آخر كطبيب الأسنان على سبيل المثال.
التعدي على الاختصاص
وينوه شريباتي أنه خلال الفترة الأخيرة تمت معالجة الكثير من المشاكل الناجمة عن تعدي الاختصاصات الأخرى على هذا الإجراء كونه على حد فهمهم بسيطاً ويمكنهم القيام به، وأكد أنه يتوجب على المريض أن يتثبت من شهادات الطبيب الذي سيجري له أي عمل جراحي وذهب إلى أبعد من ذلك بأنه حمل المريض نتيجة أي خطأ ربما يحدث إذا لم يكن متأكداً من أنه قصد الاختصاصي الصحيح ليجري له جراحته أياً تكن ..وبالنسبة للمواد المالئة من فيلر وغيره ينصح الدكتور شريباتي كل فتاة أو شاب يريد حقن هذه المواد بعد التأكد من كفاءة الطبيب أن يختاروا الأنواع ذات الجودة العالية وسليمة المنشأ مهما ارتفع ثمنها لأن النتائج ستعود عليهم ولن يتحمل الطبيب نتيجة اختيارهم لمواد رخيصة مثلاً.
جراحة الوجه
ولجراحة الوجه التجميلية النصيب الأكبر في تحقيقنا حيث تجتمع عدة اختصاصات لتغييره أو تجميله أو تقبيحه في حالات فشل عمليات التجميل لذا على الشاب أو الفتاة اختيار أطبائهم بعناية كي لا يخسروا إطلالتهم وجمالهم لأن الخطأ بالوجه كارثي وتصحيحه أحياناً مستحيل.
الدكتور مرهف بريك هنيدي اختصاصي جراحة الأنف والأذن والحنجرة يشير إلى الصحة النفسية التي تنجم بعد نجاح عملية تجميلية وخاصة لمن يعانون من تشوهات خلقية ويؤكد على أهمية إجراء هذه العمليات بعمر صغير فمثلاً عمليات شفة الأرنب أو إذن الخفاش نسبة نجاحها أكبر بعمر صغير كي يتفادى المريض التعرض للتنمر وما ينجم عنه من مرض نفسي.. ويضيف أن كل العمليات التي يجريها يؤكد فيها على مرضاه بالالتزام بالتوصيات واتباع إرشاداته كطبيب وخاصة فيما يتعلق بحقن المواد المالئة، فمثلاً يجب على من أجرت حقن شفاه أن تمتنع عن التدخين أو الأركيلة لبعض الوقت كي لا تتجمع المادة المالئة بجهة واحدة وبحال عدم اتباع الإرشادات فإن الطبيب لا يتحمل المسؤولية ..ويتابع هنيدي أنه أصبحت في الآونة الأخيرة أغلب العمليات التي نقوم بها هي لتجميل الأنف وقلب الشفاه ولانقوم بهذه العمليات في العيادة وإنما في المشفى تجنباً لأي تبعات أو خطر أو مضاعفات يتعرض لها المريض.
استشارة أكثر من طبيب
وينصح باستشارة أكثر من طبيب قبل إجراء أي عمل جراحي مهما كان بسيطاً فهناك عمليات يتم الترويج لها بشكل خاطئ على أنها بسيطة فيقع المريض ضحية الألم وعدم القدرة على التحمل بعد إجرائها كما يجب أن يوضع المريض بكافة تفاصيل جراحته التي ينوي القيام بها من مضاعفات أو سلبيات قبل الإيجابيات فمثلاً عمليات شد الوجه يتم الترويج لها على أنها سهلة وخلال نصف ساعة وبقطبتين بكل خد، هذا كلام غير صحيح ولا يعطي نتائج سليمة فهي عملية دقيقة وتحتاج عناية فائقة وأشار أنه لايوجد قانون يحكم الخضوع لعمليات التجميل ولا يوجد مقاييس معينة فبحسب رغبة المريض ويضيف أن نسبة الشباب كبيرة في عيادته ممن يقومون بتعريض الحنك “تكساس”أو حقن أو شد الجفون أو إزالة التجاعيد وغيرها، وهنا لا ينصح باتباع مقياس معين فكل وجه له مقاييسه الخاصة وكثير من الحالات جاؤوا لعيادتي لتطبيق شكل من بعض الأشكال الموجودة على تطبيقات الموبايل وهذا لايصح طبعاً فأحياناً سماكة الغضروف وطبيعة البشرة تلعب دوراً بنوع العملية واختيار الشكل الأنسب وهنالك مرضى جاؤوا ليصححوا أخطاء قام بها أطباء تنفيذاً لما طلبوه منهم.
وأضاف: المريض لايعي كثير من التفاصيل بطبيعة جسده وبشرته لذا على الطبيب أن يمتنع عن القيام بأي عمل جراحي تنفيذاً لرغبة مريضه مالم يتأكد من نتائجه سواء تناسب هذا المريض أو لا.
جمال الوجه بجمال الأسنان
ترى الدكتورة فرح يوسف حسن اختصاصية بتقويم الفكين والأسنان أن جمال الوجه في جمال الفم والأسنان ولتكون ابتسامة جميلة جذابة يجب أن تتمتع بأسنان صحية لذلك يبدأ دورنا كأطباء تقويم بنصيحة المرضى ودعمهم وطمأنتهم ليقوموا بهذا الإجراء مهما كان العمر حيث لا عمر معين للتقويم و أصبح اليوم تجميل الأسنان جزءاً لا يتجزأ من تجميل الوجه ككل.
أولى خطوات الجمال
بدوره الدكتور هاشم جمعة طبيب جراحة الوجه و الفم والفكين عضو برابطة الوجه والفكين في سورية قال إن أكثر العمليات التجميلية بهذا المجال هو تجميل الفك المتقدم والبارز والذي يعتبر نوعاً من الجراحات الدقيقة التي من شأنها أن تعيد الحالة الجمالية للوجه بما فيها النسج الرخوة والأنف والشفاه والذقن في تراجعه، مضيفاً أن هناك جراحة تصنيعية تكون بعد أذيات سابقة على الفك نتيجة الأورام أو طلق ناري لإعادة تصنيع الفك أو الشفة وهناك الجراحة التجميلية للثة أو رفعها وتعديلها أو جراحة الشفاه بمعنى قص للشفاه.
رئيس نقابات أطباء سورية أوضح أن النقابة دائماً تقف مع الطبيب والمريض على حد سواء وتحاول علاج أي شكوى واردة بطريقة سلسة وتعطي حق الطرفين وبحال ثبت الخطأ على الطبيب تتم معاقبته إما بغرامة أو إغلاق وفي الأخطاء الجسيمة تسحب شهادته وحول التعميم الصادر بعدم السماح لأطباء الاسنان بحقن الفيلر والبوتكس قال : إنه تم تحديد الاختصاصات التي يمكنها القيام بهذه الإجراءات.
من جانبه رئيس فرع نقابة أطباء حمص الدكتور عزام حسون أوضح أن أي شكوى ترد إلى النقابة حول عمليات التجميل يتم التدقيق فيها وبحال وقع الخطأ على الطبيب يعاقب حسب الخطأ الذي ارتكبه وبين أن النقابة تقوم بإغلاق أي مركز تجميل يجري عمليات التجميل مثل شد الوجه وحقن الفيلر والبوتوكس بطريقة غير قانونية حتى لوكان مرخصاً.
رئيس نقابة أطباء السويداء أشار أن نسبة عمليات التجميل ليست كثيرة وأغلب الحالات من السيدات تنجم عن التقليد فالوقت الراهن كل شيء يعتمد على التقليد وعندما يقوم أي طبيب بإجراء عملية جراحية بعيادته تتم معاقبته لما لها من تبعات سلبية وخطر على صحة المريض.