الثورة – هفاف ميهوب:
لم أشعر في يومٍ من الأيام، بما شعرت به مُذ بدأ الكيان الصهيوني الغاصب، يقصف المباني والأحياء والشوارع المسالمة في فلسطين، وصولاً إلى ما اقترفه يوم أمس، عندما قام بقصف “مشفى المعمداني” في قطاع غزة، وقَتل المئات من الأبرياء الأطفال، مثلما النساء والشباب والمسنّين.
إنها مجزرة وإن أضيفت إلى مجازره القديمةـ الجديدة، إلا أنها الأقسى والأبشع والأكثر دموية،
بل والأكثر إدانة وتلطيخاً، لوجوده الغارق في عارِ ممارساته المتوحشة اللاإنسانية..
نعم، لم أشعر في يومٍ من الأيام، بما شعرت به ليلة هذه المجزرة، وبعد متابعتي لبعض الصور والفيديوهات التي نشرها أكثر من موقعٍ أخباري، مثلما العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، وقبل أن يتمّ حذفها بدعوى أن مضمونها غير لائق، وبأنها تروّج لمحتوى كاذب، ولا يمتّ بأيّ صلةٍ إلى الحقائق.
شعرتُ بدوارٍ يلفّني، وبنقمةٍ على وسائل التواصل التي تشنّ بدورها، حرباً تخصّ كلّ ناطقٍ بالحقّ مثلما تخصّني.
شعرت أيضاً، ببشاعة الصمتِ والعجز الإنساني، أمام هكذا فجيعة، وبمدى قبحِ أخلاق العدوّ الذي يستبيح الأجساد والأرواح والحياة، دون رادعٍ لممارساته الإجرامية المريعة.
مئات القتلى والجرحى، بل آلاف الأبرياء.. القلم يتجمّد وجعاً ثم ينزف، لا سرير يرقد عليه إلا جثامينٍ امتزجت بشظايا وأشلاء..
لا كلمة تلملم غضبه، أو تسعفه بجملة معبّرة، ولا جدوى من الكلمة والصرخة والاستنكار، أمام فظاعة هذه المجزرة.
العبارات تختنق، فقد مات كلّ ما فينا، ووحده القهر يعيش، والغضبُ صارخٌ ويكرّر الصرخة الباقية، لـ “محمود درويش”:
“أيها المارون بين الكلماتِ العابرة
خذوا حصّتكم من دمنا وانصرفوا”