إذا ما علمنا أن أكثر من ٦٠٠ مجزرة ارتكبها العدو الإسرائيلي ضمن التجمعات السكنية بغزة، ليرتقي ٥٠٨٧ شهيداً منهم ٢٠٥٥ طفلاً، و١١١٩ سيدة، و٢١٧ مسناً، و١٥٠٠ مفقود تحت الأنقاض، منهم ٨٣٠ طفلاً، وهذا العدد فقط هو حصيلة ١٧ يوماً من العدوان على غزة، وإذا ما عرفنا أن ١٢ مشفى فلسطيني، و٣٢ مركزاً صحياً، خرجوا عن الخدمة بسبب الاستهداف الإسرائيلي المباشر، ونفاد الوقود، وأن حوالي ٦ آلاف مبنى يضم نحو ١٦ ألف وحدة سكنية، تدمر تدميراً كلياً، وأن ١٠٧٠٠ غير صالحة للسكن أو لإعادة الإعمار، إذا ما نظرنا إلى هذه الأرقام، فإن دوامة من الأسئلة تجول في الذهن، فماذا بعد كل هذا الدمار والخراب؟!، وماذا ينتظر المجتمع الدولي ليحرك الساكن الذي لطالما التزمه في كل الحروب والأزمات؟!، وأين هي مبادئ مجلس الأمن وشعاراته ودساتيره الأممية؟!، وماذا عن جزئية الأمان، والسلام، والاستقرار للشعب الفلسطيني، بل أين هي حقوق الطفل الفلسطيني التي كفلتها المواثيق الدولية؟!، وإلى متى ستبقى مجرد حبر على ورق؟!، ولا قيمة لها، ولا تظهر إلى الملأ، إلا عندما يريد الأميركي ذلك، أو أحد حلفائه وأتباعه.
في غزة هناك شلالات دم تراق، وأرواح تزهق، على مذبح ضمير الإنسانية الميت، بفعل الفيتو الأميركي، وقرصنة القرار الدولي لمصلحة الجلاد الإسرائيلي.
في غزة فاقت بشاعة المشهد كل التصورات، وفاقت الآلام والأوجاع كل التحملات، ومع ذلك لا يزال الأميركي، والبريطاني، والألماني، والفرنسي، يشهرون بنادقهم القاتلة صوب الفلسطينيين، فالمطلوب إسرائيلياً، وأميركياً، وغربياً، تحويل غزة إلى رماد، وإبادة كل من فيها، وكل دولة، أو مسؤول، أو سياسي ينبري ليقول كلمة الحق، ويدين الإسرائيلي، ويجرمه، ويقول له كفى، فالويل والثبور، وعظائم الأمور بانتظاره، وربما التصفية الجسدية حتى.
وحتى مشاريع القرارات التي قدمت للأمم المتحدة ومجلس الأمن لوقف العدوان على غزة لم تبصر النور، فقط لأن الأميركي والإسرائيلي ماضيان في سياسة الأرض المحروقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ليرتكب العدو الإسرائيلي المزيد من المجازر، ولكنه مهما فعل لن يقضي على جذوة المقاومة التي تشربها الفلسطينيون أباً عن جد، وستبقى تلك المجازر وصمات عار يندى لها جبين الإنسانية، فيما ستبقى المقاومة اللغة الوحيدة التي لا يفهم المحتل الإسرائيلي غيرها، والخيار الأوحد لاسترجاع الحقوق المغتصبة.