الثورة – علاء الدين محمد:
المواطنة مبدأ أساس ينطوي على الحقوق والواجبات التي يتمتع بها كل فرد أو مواطن، ويمارسها وفق القانون، المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لاتمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة، فالدولة تكفل تكافؤ الفرص بين المواطنيين جميعاً.
بهذه الكلمات بدأت المحامية كارولين صالح محاضرتها في ثقافي المزة بدمشق تحت عنوان “المواطنة بين التنظير والتطبيق” حيث بينت أن المواطنة تقتضي مساواة الأفراد أمام القانون والدستور، ما يعني حصول المواطن على حقوقه كاملة، وأداء واجباته على أكمل وجه، من دون تمييز أو مضايقة أو إقصاء وتهميش.
وأضافت بأن المواطنة ليست شعوراً وطنياً على الرغم من أهمية هذا الشعور، وإنما هي حالة سياسية ثقافية قانونية يؤسس لها في الدستور، تنظمها القوانين وترعاها القيم، ويشترط لتحقيق الواجبات ثلاثة شروط…
الحق في اكتساب جنسية، الحقوق والواجبات المترتبة على اكتساب هذه الجنسية، والمشاركة في الحياة العامة، وهنا يجب أن نذكر أن الحقوق التي تصونها المواطنه هي ثلاثة أنواع: أولها الحقوق المدنيه: وتشمل الحقوق الطبيعية والحريات الأساسية مثل الحياة الزواج، التعبير، التفكير، المعتقد، الاجتماع، التظاهر.
وثانيها الحقوق السياسيه: وتخص حقوق المواطن في أن ينتخب، وحق المواطنين في استصدار قوانين عبر ممثليهم الذين ينتخبونهم في مجلس الشعب.
ثالثها الحقوق الاجتماعيه: وتشمل الحق في العمل، والحق في الإضراب، والحق في التعليم، والرعايه الصحيه والضمان الاجتماعي وكل ذلك مرتبط بواجبات المواطن تجاه الجماعة والوطن، حيث يجب أن يدافع عن الوطن ضد العدوان الخارجي والإرهاب وواجبه المساهمة في المصاريف عن طريق دفع الضرائب واحترام القوانين الناظمه للدوله.
وعن جهل المواطن للمواطنه الحقيقيه، أشارت المحاضرة إلى أن ذلك يعود لمجموعة من الأسباب منها عدم احترام التعدديه، لأن الدوله فيها أعراق وقوميات وطوائف متعدده، ومذاهب كثيره ومتنوعه يجب احترامها، وأيضاً الفساد في القضاء لأن القضاء هو الضمانة الدستورية الأقوى للمساواة بين المواطنين في الدوله والفساد يعرقل دوره.
ضعف المجتمع المدني لأن المجتمع المدني هو الحاضنة الطبيعية للمواطنة وهو الوحيد الذي ينشط المواطن فيه كأفراد مستقلين، وغياب النظم التربويه، فقيم المواطنه لا تورث بالجينات البشريه، بل تكتسب من التربيه الصالحة سواء في البيت أو المدرسة أو حتى في الجامعة فكتاب التربية الوطنية غير كاف، لذلك حيث يجب أن يشمل نظامنا التعليمي للتربية المدنية التي تدرس في كافه مدارس العالم، حيث تشمل القيم الاجتماعية الكفيلة بغرس الكياسة في تصرفاتهم وتعاملهم مع الآخرين من جهة، ومع الدولة من جهة أخرى. ولذلك يجب أن ترسخ المواطنة من خلال عملية إصلاحية واسعة، ووضع تشريعات تحترم التعددية وتنهي كل أشكال التمييز وأهم مكون هو القضاء على الفساد المستشري في بلادنا ومحاسبة الفاسدين، ووضع آليه للرقابة على القضاء وعلى بؤر الفساد بكافه أشكالها المبطنه والظاهره، والعمل على عدم ظهور أشكال جديده لتلك البؤر الفاسده المدمرة للوطن واقتصاده، ورفع الضغط عن المجتمع المدني والسماح للإرادات الحرة للمواطنين بإمكانية التعبير عن نفسها بالطريقة التي تريدها ضمن حدود القوانين المرعية الإجراء، ووضع نظم تربوية مناسبة تراقب سلوك المدارس والمدرسين وتشرف على البرامج التربويه لتطهيرها من شوائب التفكير الإقصائي.
وتوقفت مطولاً عند بعض الأمنيات مثل إلغاء بعض المواد من المناهج وإحلال مكانها التربية المدنية، ومن كل ما تقدم نقول إن سورية بلد عظيم في تراثه الثقافي وتاريخه شاهد على التعايش السلمي والجميل والمتبادل لمكنوناته الاجتماعية والثقافية المختلفة والدينية أيضاً، وأن الزلازل الخطيرة التي لحقت بمكونات مجتمعنا على مر العصور هي ناتجة عن انتهاكات المواطنة لجهل الكثير بهذا المعنى المقدس، فالمواطنة إيجاب وقبول الآخر تحت سقف القانون وحماية الدولة، وكنتيجة نقول: إن الفرد يكتسب صفة المواطنة بحمله جنسية دولته ولكنه لايكتسب صفه الوطنية إلا بالعمل المخلص لصالحها.
واختتمت محاضرتها بالقول إن الوطنيه هي أعلى درجات المواطنة فهي المشاعر التي يعبر الفرد من خلالها عن حبه لوطنه وتعلقه به في العمل على حمايته والدفاع عنه والحفاظ على تماسكه ووحدته والاعتزاز بتراثه وحضارته، وهي الضمان والضمير الوجداني الذي يربط المواطن بوطنه، وهذه هي المواطنة بين التنظير والتطبيق التي تحتاج لوعي الشعوب مع قوه دورها ولإرساء قوة القانون وحرية الأفراد ضمن مجتمعات تعترف بحقوق المواطنه.

السابق