الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
قد يستغرق الكاتب وقتاً كي يرتّب أفكاره الإبداعية ويعيد صياغة الحدث بأسلوب جمالي يرتق به ثوب الواقع، ويقتّص منه ما لا يرغبه، ويفصّل على مقاس الحدث صيغة فنيّة ترادف أفكاره، فكيف إن كان الحدث جللاً، وهذا الواقع حداد لا روح فيه، كيف إن كانت الحرب هي أبجديّة المقاومة بالكلمات بعدما يهدئ الكاتب انفعالاته بمسكّنات قلمه، يكتب أدباً مقاوماً بطعم الدم والبارود والنار، أدباً يخرج به إلى العلن يتوجّه إلى عامة الناس يحثّهم للبحث عن الهويّة ويدعوهم إلى التحرّر والتخلّص من الاستبداد، كل تلك المفردات بمعناها العميق والجوهري تستحق عند المبدع مزيداً من وقته كي ينجز رسالة فنيّة تترك رجع صدى جيلاً بعد جيل كي يحتفظ بها وثيقة تاريخيّة لا يمكن نكرانها، هكذا يولد فن الأدب المقاوم، نستمد من مفرداته ثباتنا في أوقاتنا العصيبة، ونحن نحلم حلماً جمعياً نحو مستقبل أفضل للإنسانيّة بتعدد صفاتها وسيكولوجيتها، وبرأي الكتّاب قد تفلح الرواية أكثر من غيرها من الفنون في تحقيق رجع الصدى لأنها تركّز على العدوانية وتفشيها وتبرز قوى الشر وفي نفس الوقت تحارب الأنا المتسلّطة لتحقيق مآرب مشتركة لا فرديّة، من هنا تتصدّر الرواية المقاومة الفنون، وعلى سبيل الذكر لا الحصر الرواية عند نجيب محفوظ التي عزز من خلالها الانتماء والحريّة والاستقلال والوطن والتجذّر، وها نحن اليوم ننتظر ولادة أعمال روائيّة أبطالها في قطاع غزّة أطفالاً ونساء وشهداء يسطّرون ملاحم البطولات من أجل قضيّة الوجود والصمود وفي جرح كل منهم قصّة تُروى بألم وتُكتب بحبرِالدّم.
العدد 1166 – 7-11-2023