منال السماك
حالات ناتجة عن عنف جسدي بين طلاب المدارس تصل إلى المراكز الصحية أو المشافي لإسعافها ومعالجتها، فعند وجودي في مركز الهلال الأحمر صادف وصول حالتين من جروح وكدمات وكسر لطفلين في مرحلة الدراسة الإعدادية، وكانت نتيجة عنف بين مجموعة من الطلاب، بعد تهكم وسخرية وتبادل بعض الألفاظ النابية تطور الأمر إلى عراك بالأيدي، وتدافع ما أدى إلى إصابات تعد نوعاً ما بسيطة، تطلبت بعض القطب الجراحية لجرح صغير وضمادات في الوجه، والطفل الثاني كان لديه كسر بالساعد، و لكنها تشير إلى ظاهرة خطيرة تتفشى في الحرم المدرسي، الذي يفترض أن يكون بيئة نموذجية للتربية و الأخلاق تلائم الجو الدراسي، و تلقي العلم لإعداد جيل مستقبلي يساهم في بناء الوطن لا هدمه.
سلوك مكتسب
أشارت المرشدة النفسية روان سليمان إلى أن العنف المدرسي هو سلوك مكتسب يهدف إلى إلحاق الأذى بالآخرين، بالإضافة للتنمر وما يحمله من استقواء على الغير لفظياً وجسدياً، و يصنف العنف في المدارس بين عنف مادي يلحق الأذى بالجسد و ربما يؤدي إلى إصابة تكون خطيرة أو مميتة، وعنف معنوي كإطلاق الألفاظ النابية و تبادل الألقاب المسيئة التي تؤثر على الحالة النفسية و تؤدي إلى الشعور بالدونية و تترك آثاراً نفسية عميقة قد لا تمحى بسهولة.
سوء تربية
وتشير سليمان إلى أن أسباب هذه الظاهرة تعود غالباً وحسب الحالات التي تتم متابعتها في المدرسة إلى سوء التربية الأسرية و غياب دور الوالدين التربوي الملائم، وعدم التوعية الصحيحة للأبناء بكيفية التعامل مع أقرانهم وتدريبهم على السلوك السليم البعيد عن العنف، كما أن للعامل البيئي دوراً كبيراً في زرع العنف الجسدي، والتنمر اللفظي في نفوس الأبناء، حيث تلجأ بعض البيئات الاجتماعية إلى تربية الطفل على أن يأخذ حقه بيده حتى لو أدى ذلك إلى إلحاق الأذى بمحيطه الاجتماعي و زملائه في المدرسة أو حتى تجاه مدرسيه، وإن سكت على عنف موجه إليه أو تنمر فإنه بنظر بيئته الاجتماعية لا يعتبر رجلاً حسب تصنيفهم، كما أنه ربما يتعرض للسخرية والشعور بالدونية والاستخفاف.
العنف يولد العنف
لفتت سليمان إلى أن هناك عاملاً آخر للعنف عند بعض طلاب المدارس هو أن العنف لا يولد إلا العنف، حيث يكون الطفل معرضاً لهذا السلوك من قبل أسرته، فيكتسب هذا السلوك العدواني كنهج حياتي للتعامل مع الآخرين.
رصد و متابعة و ارشادو عن كيفية تعامل المرشد النفسي مع حالات العنف بين بعض طلاب المدرسة ، أوضحت سليمان أنه على المرشد النفسي والذي يعتبر صمام الأمان، اعتماد ثلاثة معايير في علاج هذه الحالات وهي الشدة والثبات والتكرار، حيث يتم رصد هذه الحالات من خلال الملاحظة والمتابعة وجمع المعلومات، وأول خطوة ينبغي القيام بها هي التوجيه الجمعي، وهو عبارة عن موضوع يعطى لجميع الطلاب، ثم يقوم المرشد النفسي ببعض الأنشطة التربوية التي تخص موضوع العنف مع الطلاب، و ذلك للتخفيف من هذه الظاهرة و ذلك لتفريغ الطاقة نحو شي مفيد، ثم القيام بالإرشاد الجمعي، وهو يشمل مجموعة من الطلاب، أو ما نسميهم مسترشدين لديهم نفس المشكلة، وهو عبارة عن عدة جلسات نقوم من خلالها بتحديد المشكلة، و التعريف بها وتوضيح أسبابها وإيحاد بدائل للسلوك غير المرغوب به، وبينت أنه من خلال هذه الاستراتيجيات النفسية يمكن ارشاد اكبر عدد من الطلاب ، و تبقى شريحة اقل لم تتجاوب و ما زالت تسلك سلوك العنف و التنمر ، رغم خضوعهم لجلسات التوجيه الجمعي و الإرشاد الجماعي، فيتم تحويلهم إلى حالات فردية، حيث تتم متابعتهم بشكل فردي و سري.
آثار على التحصيل الدراسي
كما لفتت سليمان إلى أنه من الملاحظ أن فئة الطلاب الذكور أكثر عنفاً من الفتيات، حيث يغلب العنف الجسدي بين الذكور، بينما يتصف طابع العنف بين الإناث بالمعنوية كالسخرية والألقاب المسيئة نفسياً، ما يترك آثاراً نفسية عميقة، وعموماً فإن العنف و التنمر يؤثر على الصحة العقلية و الراحة النفسية للطالب، كما أنه يلعب دوراً مهماً في تحصيله الدراسي و قد يؤدي إلى الشعور بعدم الانتماء للمدرسة والدونية و ربما إلى التسرب.
توعية وتوجيه
وختمت المرشدة النفسية بالقول: للوقاية من العنف المدرسي ينبغي توجيه التوعية للأسرة بشكل عام وإلى الطفل بشكل خاص وذلك من خلال المواد الدراسية والتركيز على الرياضة والأنشطة البدنية التي تسهم في تفريغ الطاقة والانفعالات السلبية ، و الاهتمام بالهوايات وتنميتها، ما يهذب الروح ويسمو بها عن العنف.