الثورة – حمص – سهيلة إسماعيل :
استمتع جمهور حمص الشغوف بمتابعة النشاطات الثقافية خلال ما يقارب الساعتين بالفيلم الروائي الطويل “رحلة يوسف”، سيناريو جود سعيد ووسام كنعان، وبالمشاركة مع بطل الفيلم الفنان القدير أيمن زيدان، والفنانة ربا الحلبي، وسامر عمران، والشاب حيان بدور، ومن إنتاج المؤسسة العامة للسينما عام 2022.
يحكي الفيلم قصة الوجع السوري خلال سنوات الحرب وما تعرض له من تهجير، إذ يتمسك يوسف “أيمن زيدان” بمنزله إلى آخر لحظة، لكنه يقرر الرحيل حفاظاً على حياة حفيده زياد وحبه للشابة هاجر، ويصل إلى أحد مخيمات اللجوء, وهنا يعرفنا جود سعيد على حياة المخيمات وقساوة العيش فيها، وما يحصل من تسلط البعض، وبالمقابل وجود حالات إنسانية من التعاطف وتقدير للجد الذي لم يتخل عن حفيده اليتيم خلال رحلته الطويلة.
أمتعتنا كاميرا المخرج سعيد بمناظر الطبيعة وبياض الثلج الناصع الذي ظهر في مقدمة الفيلم الشيِّقة, لتنتقل بنا إلى مناظر طبيعية أخرى نتعرف من خلالها على مفردات الطبيعة البكر, ولاسيما أن قسماً من التصوير كان في منطقة وادي النضارة بريف حمص الغربي.
وخلف متعة الصورة ثمّة حكايات وجع وألم عاناها يوسف وعائلته– فيما بعد– نتيجة ملاحقة حفيده وحبيبته هاجر بسبب وصول عمها إلى المخيم، ومطالبته بابنة أخيه باعتباره الوصي الشرعي عليها، وهنا يوافق الجد على الفرصة الممنوحة لحفيده بالسفر إلى ألمانيا بعد اكتشاف صحفية ألمانية (من أصل سوري)، موهبته الكروية، خلال إنتاجها لفيلم وثائقي عن حال النازحين, لكن طريق الرحلة– هذه المرة- يفضي بالشاب وحبيبته إلى رحلة نهائية إلى العالم الآخر بعد تعرضهما للملاحقة والقتل خلال الهروب من المخيم, رحلة لا عودة منها أبداً, وهنا استهجن الكثيرون نهاية الفيلم المأساوية وتمنوا لو أن نهاية الحكاية انتهت بانتصار الحب والأمل على القتل والتشرد ككناية عن انتصار سورية ونهوضها من معاناتها خلال اثنتي عشر سنة.
وضع سعيد عنواناً لكل فصل من الفصول الزمنية للفيلم، وكأننا نقرأ رواية مؤلفة من فصول، ولكل فصل عنوان يختصر مضمونه, ففي الشتاء”إلى أين تذهب يا جدي؟” وفي الربيع “سأبقى أحب من أجل عبد الهادي”، وطبعاً عبد هادي هو الصديق الوفي للجد الذي فقده كما فقد آخرين, وفي الصيف “أي حلم سأطير معه”، ليختم بعكس ما بدأ وهي العبارة التي تسبق فصل الخريف ” إلى أين ستذهب يا ولدي؟”
المخرج سامر إبراهيم “أبو ليلى” اعتبر أن الفيلم ممتع وجميل، لأن المخرج استطاع الدخول إلى مخيمات اللجوء والحياة فيها بما تحويه من قسوة ومرارة.
بينما اعتبر الدكتور نزيه بدور أن العيب الوحيد في الفيلم هو عتبة الحزن المرتفعة جداً فيه، لأن الواقع السوري متخم بأحزانه, مضيفاً أن الإخراج وأداء الممثلين كانا ممتازين.
ورأى المخرج جود سعيد أن فيلم “رحلة يوسف” هو الفيلم العاشر له، وبالتالي فإن التعاطي معه يختلف عن الفيلم الأول سواء من ناحية الفكرة أم الإخراج, معتبراً أن الفيلم عبارة عن حكاية مضمونها يفرض شكلها, ورد على استهجان النهاية من قبل البعض بأن إحدى مهام الفن فتح الجروح كي تتداوى ولا تُعاد،’ ملخصاً بأن الفيلم حكاية من وجهة نظر إنسان سوري.
تصوير: أحمد المعلم