مهما تعددت “الكروت” الاستثمارية، وتنوعت أهدافها وأغراضها ووسائلها وعائدها ومخاطرها، يبقى استثمار رأس المال البشري وتعزيز وتحسين وتطوير خصائصه، واحداً من أهم “الكروت” الاستثمارية الذهبية التي تحتاج “محلياً” إلى المزيدـ المزيد من جرعات الدعم المزدوجة المادية في المقام الأول والمعنوية ثانياً، جنباً إلى جنب مع المتابعة المستمرة والتقييم المتواصل والاهتمام الدائم.
نعم استثمار رأس المال البشري هو “كرت رابح بامتياز”..”كرت” أثبت فاعليته وحضوره القوي في أكثر من ميدان وجبهة عمل داخلية وامتحان وتحدي، تماماً “وبصورة طبق الأصل” لما جرى مؤخراً في المحطة الحرارية الكهربائية في محافظة حلب، حيث كان المهندسون والفنيون والإداريون في المحطة على موعد مع العطاء الكريم من القائد الكبير السيد الرئيس بشار الأسد لقاء الجهود الاستثنائية والمميزة التي بذلها أصحاب الزنود السمراء واليد الطولى في إعادة تأهيل المجموعة الأولى وإخراجها من نفق الظلمة وقوائم الخردة، وإعادتها إلى موقعها التشغيلي ـ الخدمي الذي كانت فيه.
ما جرى في حلب لا يمكن اعتباره إلا تأكيداً جديداً.. ورسالة جديدة.. واستراتيجية عمل جديدة.. ودفعاً جديداً باتجاه إعادة هندسة هذا الاستثمار كونه “الاستثمار البشري” بذرة جيدة يجب الاعتناء بها ورعايتها لكي تعيش وتنمو وتكبر.
كل ما سبق يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ملف استثمار رأس المال البشري “التأهيل والتدريب” يجب ألا يكون بعد اليوم ملفاً ثانوياً أو عابراً بل جوهرياً وخياراً استراتيجياً لكل الجهات العامة، ومنهج عمل للمرحلة المستقبلية باتجاه إعداد كوادر بشرية قادرة على تلبية حاجات العمل والتطورات والتغيرات السريعة التي يسجلها سوق العمل، ومواكبة مسار التدريب أثناء الخدمة نظراً للأهمية الكبيرة التي يهيئها للموظف من معارف ومهارات جديدة تتطلبها مهنته، ولمعرفتنا “جميعاً من دون استثناء” حق المعرفة بالأعداد الكبيرة والحقيقية للخبرات والكفاءات الوطنية الشابة والمبدعة التي تسربت وهاجرت نتيجة ظروف الحروب الظالمة، أو تلك التي هربت من صقيع ذهنيات بعض المعنيين ممن يملكون الكلمة الفصل في تجمد أو تفعيل وتنشيط ملف التأهيل والتدريب وسلوك طريق الترفيع والترقية الوظيفية، لا كما حدث ويحدث حالياً مع أصحاب الكفاءات والخبرات العلمية والعملية الذين يدخلون حياتهم الوظيفية ويخرجون منها بذات التسمية الوظيفية، وأحياناً كثيرة من نفس المكتب الذي باشروا فيه لأول مرة.

التالي