الثورة – حسين صقر:
غالباً لا يضع أحدنا رأسه على الوسادة، إلا وبرأسه الكثير من المشاريع والاهتمامات والهوايات التي يرغب بتطبيقها، لكن مع كل أسف تحول بينه وبين ذلك الظروف المادية الصعبة والتي تُنشئ بينه وبين تلك الطموحات حاجزاً مرتفعاً تجعله عاجزاً عن تحقيق أي شيء.
بالطبع وكما يقال: السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وبلوغ الغايات يحتاج للتعب والجهد والمعاناة، وصعود السلم لا يمكن أن يكون دفعة واحدة، بل درجة إثر درجة، ولكن الثراء السريع وغير المشروع للبعض، جعل البعض الآخر في حيرة من أمره، ليتساءل كيف حصل ذلك ومتى وكيف سيحصل هو على أهدافه.
كم من شخص يريد أن يكون صاحب جاه وسلطة ومضيافاً، وذا شأن بين الناس، وجل همومه المشاركة في حل المشكلات الطارئة والتي تحدث بينهم، وسرعان ما يقول: لو كنت أملك كذا لكان لي كذا، نعم بالتأكيد الظروف المادية تشكل حاجزاً، لكن هناك الكثير ممن يملكون هذا المال، ولا يملكون الحكمة لإدارته، وفي العامية ثمة مثل يقول: درهم من المال بحاجة لقنطار عقل، أي البعض وعندما يمتلك هذا المال يتخبط يميناً وشمالاً ويبدأ ارتكاب المعاصي، ويخلق الخلافات مع الناس، في الوقت الذي يكون غيره قريباً من قلوب المحيطين، يشاركهم أفراحهم وأتراحهم، ويشعر بهم ويسعى لحل أزماتهم.
نعم تطبيق الرغبات والاهتمامات بحاجة للمادة والمال، لكن الحاجة للحكمة والعقل أكثر بكثير، لأن العقل يجلب المال، بينما التهور والفوضى يذهبانه، وكم من مالك وثري ذهب ماله كغبار في الهواء نتيجة عدم إدارته الصحيحة.
يحتاج الجد والاجتهاد
الطموحات كثيرة والأهداف أيضاً، لكن السعي نحوها هو الأساس، ولذلك نلاحظ أنه عندما ينصح بعضنا البعض، هناك قسم يقبل تلك النصيحة ويعمل بها، وقسم آخر يناصبك العداء ويظن أنك تأخذ شيئاً من أمامه، غير مدرك أنه ما هكذا تورد الإبل، فكل شيء في هذه الحياة يحتاج للجد والاجتهاد، ومن طلب العلا سهر الليالي، ولا شيء يأتي ماشياً نحونا إذا لم نسع نحوه، بدءاً من رغيف العيش وكأس الماء الذي يجب أن نتوجه لمكانهما، وليس انتهاء بأعظم الأشياء من أراض وسيارات ومنازل وشهادات، فكلها تحتاج إلى سعي، ومتابعة ومثابرة.
بعض شباب اليوم ومع كل أسف يعيشون هذه الحالة من التخبط والعشوائية، وليس الحق عليهم وحدهم، بل شاءت ظروف الحرب الإرهابية والحصار الظالم أن يكونوا وعائلاتهم في تلك الظروف، لكن أن يجلس أحدهم ويندب حظه من دون أن يسعى نحو رزقه، فهنا الطامة الكبرى، وليس ذلك من باب التنظير، فكل الذين وصلوا، قطعوا الطرقات الصعبة والوعرة، وكل الذين بلغوا أهدافهم لم يذوقوا طعم النجاح وحلاوته، لولا اجتراع الصبر ومرارته.
تطبيق الاهتمامات مرتبط بالسعي الدؤوب نحو تحقيق الأهداف، وليس النوم وعدم اللامبالاة وترك الهموم على الغير، والتطفل على الآخرين.
بالنتيجة يمكننا أن نحدد شخصية الإنسان بمعرفة اهتماماته، فالإنسان ولو عاش عشرات السنين ولا يدري ما حقيقة ذاته، لا تكتمل رؤيته لنفسه، إلا حين يحدد اهتماماته التي تناسب إمكاناته وقدراته وتوصله في النهاية إلى أهدافه، فالاهتمام الذي لا يوصل إلى هدف هو مضيعة للوقت والجهد المادي والفكري.