الثورة _ علا مفيد محمد:
لم يسمحوا لإعاقتهم أن تقف حجر عثرة في طريق تحقيق أحلامهم وطموحاتهم.. إنهم أصحاب الإرادة والإصرار، فإذا أخذ الله منهم شيئاً فقد أعطاهم ما هو أهم ليساعدهم في إحراز أهدافهم وليثبتوا للجميع أن النجاح حليفهم، مؤكدين أن الإعاقة ليست إعاقة جسد، وإنما إعاقة الفكر والروح، وعندما تتوفر الإرادة القوية يستطيع المرء أن يوظف قدراته ويتجاوز العقبات ويحقق النجاح مهما كبلت جسده القيود.
من هؤلاء الأبطال.. الطالبة هيفاء عدواني البالغة من العمر15 عاماً، بطلة سورية التي أبصرت من خلال القراءة وفازت بالتحدي عن فئة أصحاب الهمم في تحدي القراءة العربي على مستوى الجمهورية العربية السورية.
عدواني أوضحت في حديثٍ لـ”الثورة” أنها في بداية حياتها لم تكن من أولئك الذين يعشقون القراءة أو يهتمون بها كثيراً، ولكنها كانت مهتمة بالأدب والشعر اللذين أخذتهما عن والدها، ومنه تعلمت الصبر والإرادة، فقد كان والدها كفيفاً ومع ذلك كافح في حياته لكي يبني أسرته ويعمل ليكون إنساناً فعالاً في المجتمع.
وأكدت أن تحدي القراءة العربي كان أول تجربة لها في عالم القراءة واجهت فيها بعض الصعوبات باعتبارها كفيفة، فعانت في بحثها عن الكتب الصوتية المناسبة للقراءة والخاصة للمكفوفين، وبحسب قولها لم تكن متوفرة بكثرة، إلا أنه بفضل الله تعالى وبالإرادة وجهود مشرفتها الخاصة استطاعت تخطي كل العقبات.
وأكملت بقولها: شاركتُ في تحدي القراءة العربي لإثبات وجودي في المجتمع، فكانت هذه المسابقة فرصتي، كما أن تشجيع والدتي ووالدي ومساعدتهم لي، ودعم أساتذتي في معهد التربية الخاص لتأهيل المكفوفين، كان لهما الدور الأكبر في تحفيزي على الاستمرار والوصول. ولا بد من القول: إن هذه التجربة أغنت شخصيتي اجتماعياً وفكرياً وثقافياً ولغوياً، كما الكثير من الفوائد سواء بالقراءة بحد ذاتها أو من التجربة التي خضتها من خلال هذا التحدي.
دور الأهل
أما أصغر أبطالنا عمراً من بين ذوي الهمم فكان الطفل قاسم تمام معلا، البالغ من العمر ٧ سنوات، من مدرسة دار الأمان لأبناء الشهداء في طرطوس، الذي روى- لنا- بسعادة عن مشاركته بمسابقة تحدي القراءة العربي، فبعد تشجيع معلمته له بدأت والدته تنتقي له الكتب المناسبة وبقراءته لهذه الكتب شعر أنه انتقل من عالمه الصغير إلى عالمٍ آخر فيه الكثير من المعرفة، وكانت تلك هي الخطوة الأولى التي بدأها في مدينة طرطوس وانتهت في إمارة دبي.
وأكد بقوله: كنت سعيداً بمشاركتي فقد تعلمت الكثير من هذه المسابقة وأغنتني بالمعرفة وتعرفت على أصدقاء جدد من جميع أرجاء وطننا العربي.
والدة الطفل قاسم، السيدة نغم حرفوش أوضحت أنها كانت ولا تزال الداعم الأول والوحيد لطفلها الذي فقد والده شهيداً في الحرب، فما كان لها إلا أن تولي اهتماماً مضاعفاً بتعليم طفلها وكانت تعمل على تحفيظه الشعر وتشجيعه للمشاركة في الفعاليات التي تقيمها المدرسة وخاصةً أنها لاحظت قدرته الكبيرة على الحفظ.
ولفتت إلى أنه عند الإعلان عن مسابقة تحدي القراءة عرضت عليه المشاركة، وشرحت له عنها وأحب فكرة التميز والتحدي، فبدأت بتأمين الكتب من المركز الثقافي في طرطوس وعملنا على قراءتها سوياً، وبالتعاون مع المدرسة التي دعمت شخصيته استطاع قاسم الوصول والنجاح.
أبطالنا من ذوي الهمم ترفع لكم القبعة..