بشائرهما واضحة.. حرب محدودة أو شاملة

محمد شريف جيوسي ـ كاتب أردني
ما الذي سيكون عليه الحال بعد تمديد الهدنة بين المقاومة الفلسطينية و”إسرائيل”، وخرقها من قبل الأخيرة وإعلان وزير حربها أنها ستواصل عملياتها الحربية حتى استئصال “حماس” واستعادة أسراها؟
لا بد من أخذ الاعتبارات التالية القديم منها والجديد ؛ بعين الاعتبار كما يلي:
1 ـ يؤشر تاريخ “إسرائيل” على عدم التزامها بما تعقد من معاهدات واتفاقيات وتفاهمات، والأمثلة على ذلك كثيرة ، لا تحتاج إلى إثبات ، وقد ساعدها الغرب وأمريكا في المقدمة على التحلل منها بيسر ، دون أدنى مساءلة أو حتى “فركة أذن” شكلية ، بل وتشجعها على ذلك غالباً ، بما تمنحها من دعم متعدد الأوجه والأشكال والمسميات.
2 ـ المقاومة الفلسطينية جزء من محور مقاومة إقليمي أوسع، لبناني يمني عراقي، واعتباري سوري إيراني ، وبالتالي فإن اتفاق الهدنة إن مدد لا يلزم الأطراف الأخرى في محور المقاومة ؛ بما في ذلك الأطراف الفلسطينية غير الداخلة في اتفاق المقاومة مع الكيان الصهيوني بوساطة قطرية ورعاية أمريكية وقد أعلن اليمن أنه سيضرب أي تواجد بحري إسرائيلي في البحر الأحمر .
3 ـ فتحت هذه الحرب عيون شعوب العالم وبخاصة الغرب على حقيقة الصهيونية و”إسرائيل” وخسة وخفة الغرب في التعامل مع قضايا العالم ، إذ سرعان ما حركت 5 دول غربية كبرى أساطيلها ضد رقعة مدنية محدودة المساحة والسكان والإمكانيات الحربية ، وبالتالي استعدادها للدخول في حرب جديدة بناء لمزاعم تدّعيها على أنها حقائق ، وقد انتفضت شوارع العالم ضد الشطط الإمبريالي لأول مرة في عصرنا.
4 ـ جعلت العدوانية الإسرائيلية الأمريكية الغربية الموغلة بالوحشية والدم وعقلية الانتقام، إمكانية التعايش بين وجوديْن نقيضين أكثر من مستحيلة ، أكثر من أي وقت مضى ، حتى لو وُقّعت عدة اتفاقيات لوقف إطلاق النار.
5 ـ أكدت الولايات المتحدة الأمريكية مجددا بسلوكها الأخير ؛ ممثلة بقيادتها الراهنة ، كما العقود الأخيرة ، أنها ليست عدوانية فحسب ، ولا أيضا أنها ليست وسيطاً نزيها ، بل دولة هابطة في مستوى تفكير وعدم كفاءة قياداتها ، بما تتخذ من قرارات وتمارس من عدوانات ، وأنها باتت غير مؤهلة لأن تكون جزءاً من نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وأمنا واستقرارا .
6 ـ ثبت أن محاولات واشنطن إفشال مساعي ولادة نظام علمي جديد ، أو إرجاء ولادته أو إكساب الولادة أمراض النظام القائم ، تُدخلها في متاهات إضافية تعرّيها ، وتضاعف استياء العالم من سياساتها المتغطرسة الغبية ،وقد تكرس ذلك (بنتيجة) الحرب الأخيرة ، فهي الآن في وضع أسوأ مما كانت عليه قبلها، وتأكد أن محاولاتها تفجير ودعم صراعات جديدة ، لن يقدم حلولاً تحفظ لها ولإسرائيل ماء الوجه ، بل يعرّيها ولا يؤهلها لحجز مقعد معقول في نظام عالمي جديد متسارع التكون ضدها وضد حليفاتها الأوروبيات التابعات اللواتي يتخذن مواقفهن على وقع أقدام رؤساء أمريكا ، الذين كلما جاء أحدهم كان أخبث من سابقه.
7 ـ لم تعد دول كبرى ممن هي خارج معادلة النيتو ، كروسيا مثلا ، أقل اعتناءً بالصراع في منطقتنا ، حد أن بوتين أعلن مؤخراً موقفاً غير مسبوق ضد “إسرائيل” ، وهو موقف سيراكم مواقف تنتقل به من الكم إلى النوع ، بخاصة أن تل ابيب لم تخجل من الانحياز عسكرياً علنا ضد روسيا في حرب أوكرانيا ، وإذا كانت روسيا غير متعجلة دبلوماسيا في محاسبة إسرائيل فإنها الآن أصبحت معنية جداً ، بما يحقق أمرين معاً ، معاقبة تل أبيب من جهة وتحقيق المزيد من المكاسب والوجود والتحالفات في منطقتنا ، وفي آن ثالث هي بذلك تنتصر لنزوع الشوارع الشعبية في العالم ، الأمر الذي سيسجل في موازين حسناتها ورؤاها عالميا .
8 ـ بات الإنسان العربي وضمنه الفلسطيني ، على قناعة تامة بأن إلحاق هزيمة قاصمة بـ “إسرائيل” ممكن ووشيك، ما يعزز إرادة محور المقاومة وأصدقائه ، فيما بات الإسرائيليون من داخل الحكم وخارجه،على قناعة بأن نهايتهم وشيكة، وفي آن لن يكون المواطن الأمريكي والغربي قادراً لفترة طويلة على تمويل حرب ثانية بعد أوكرانيا وإضافة أزمة جديدة لأزماته المتواصلة، وستتباطأ المساعدات حتى تتوقف ، تحت ضغط المواطن الغربي والأمريكي الذي يدفع ثمن ذلك من رفاهه وأمنه وقيمة صرف عملاته ودولاره .
9 ـ إن المشروع الإسرائيلي بشق قناة تربط الأحمر بالمتوسط عبر غزة ، ليس مشروعا حاضراً آمناً بلا تبعات، حيث سيخلق لداعميه أزمات أقلها خسارة أنظمة “صديقة” وفي آن لن يتمكن هذا المشروع شطب قناة السويس كلياً، وسيعظم حالة العداء للغرب، ولن تكون دولاً كالصين وإيران وروسيا وكوريا الديمقراطية وفنزويلا وكوبا وتونس والجزائر ودول شمال ووسط إفريقيا معنية للتعامل مع القناة الجديدة، ما يعني خلق أعداء وخسائر لا تكافىء المكتسبات التي سيحققها ، ما يستدعي إعادة النظر بالمشروع ، وما قد يترتب عليه.

10 ـ إن دولاً كمصر والأردن ولبنان وسورية ترفض تحمل تبعات تهجير سكان غزة بالقوة إليها ، بغض النظر عن تباين الأسباب ، كما أن دول الخليج لغير سبب ترفض استيعاب أعداد كبيرة من السكان تغير التركيبة الديمغرافية في كل منها ، وباتت هي على مقدرة لأن تقول لا للولايات المتحدة ،بدلالة رفضها زيادة إنتاجها من النفط، والمصالحة السعودية الإيرانية.
11 ـ في آن لن يكون أبداً في صالح “إسرائيل” الاستمرار في أعمال القتل والتدمير ، لأن ذلك سيجبر أطراف أخرى على دخول الحرب بكل أشكالها ، وسيطيل أمدها ، وسيمنح الأطراف التي اكتفت بمشاغلة إسرائيل مشروعية التصعيد أكثر، ومنح المقاومة الفلسطينية فرصة الاشتباك المباشر واستدراج قواته في حرب عصابات غِوارية ، وهو الأمر الذي تنبه إليه المقبور شارون فانسحب من غزة ، وقبله انسحاب باراك من جنوب لبنان.
12 ـ لقد أخسرت الحرب إسرائيل وكبدتها ما لم تكن تتوقعه أسوأ كوابيس قادتها وقادة أمريكا ، وإذا كان الأمريكان يقاتلون روسيا الآن حتى آخر أوكراني ، فإن هذه الحرب إن استمرت ستجعل إسرائيل تقاتل محور المقاومة بالجندي الأمريكي وقدرات الغرب مجتمعة ، وعليه ؛ على النيتو الإنتباه إلى أن روسيا بقيت خارج معادلة الحرب الإرهابية والدولية على سورية ، حتى تدخل الأمريكان مباشرة عبر تحالف معلن وقتها تدخلت روسيا وأسهمت بتغيير موازين الصراع لصالح سورية ، وعليه فإن تدخل النيتو في الحرب مباشرة لصالح إسرائيل سيجبر أطرافاً إقليمية ودولية وقتها على دخول الحرب .
بكلمات؛بناء لما سبق، إن أعمل النيتو بقيادة أمريكا العقل وحسابات الربح والخسارة والتداعيات اللاحقة ( وهذا مستبعد ) فإنه لن يدخل الحرب، وسيعاد النظر بالهدف الإسرائيلي المباشر للحرب قناة إيلات المتوسط مروراً بغزة، فضلا عن مطامعهم بالغاز الفلسطيني،وستغير أمريكا وفريقها كسباً للوقت جزئيا من سياساتها العدوانية تجاه فلسطين وقضايا الأمة العربية ومحيطها وفي المقدمة إيران (نموذج إخراج شارون وإمراضه..) عوضاً عن التفكير بحلول عقيمة كتشكيل إدارة إقليمية ودولية لغزة .
وإذا بقيت الولايات المتحدة ودول الغرب الأوروبي الاستعمارية على نمط ممارساتها العدوانية التاريخية ، وصعّدت تورطها فإن الأمور ستتدرج نحو حرب إقليمية فدولية.. وبنتيجة هكذا حرب ، لن يكون هناك ( لا غالب ولا مغلوب) .. بل غالب ومغلوب ، ونحن نرى مقدمات نتائجها واضحة بدلالات التاريخ والواقع الراهن الفلسطيني والإقليمي والدولي ، وبدلالات حتى الميثولوجيا والغيبيات التي تؤمن بها أغلب أطراف الصراع .
وإذا لم تتورط أمريكا وحليفاتها ـ افتراضاً ـ في الحرب مباشرة ، فستحسم المقاومة الفلسطينية الحرب لصالحها ، فقد ( شبّت عن الطوق) بدليل ما حدث ويحدث منذ سنوات.
وأنا على يقين أن الحرب الشاملة لن تكون نتائجها كالحربين الأولى والثانية وبالاً على الأمة وجوارها ، بل ستكون في صالحها بما في ذلك الشعب الفلسطيني ، بل لصالح عالم خال من الصهيونية والاستعمار والامبريالية والاحتلالات والحروب والسلب والفساد ، وأكثر أمناً وعدلاً واستقراراً وتعاوناً.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة