الثورة – دمشق – فاتن دعبول:
احتفى معهد أدهم إسماعيل بتخريج دفعة جديدة من طلابه، بعد قضاء عامين كاملين من الدراسة للفن التشكيلي بعناصره كافة، فقدم الطلاب مشاريع تخرجهم في معرض ضم أعمالهم التي تنوعت في موضوعاتها الاجتماعية والواقعية وحتى الإنسانية، ما يؤكد أن الفن هو الأقرب إلى حياة الناس، فهو يقدم الواقع بصورة فنية إبداعية ويظهر مفارقات المجتمع ويلتقط تفاصيله برؤية خاصة.
رفد الحركة التشكيلية
توقف رئيس مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية قصي العبد الله الأسعد عند أهمية معرض الخريجين الذي يقام كل ستة أشهر وبين أن المعرض هو محطة يقف فيها المركز كل ستة شهور لتخريج مجموعة من الدارسين، والعدد في هذه الدفعة بلغ 16 طالباً وطالبة، وبلغ عدد الأعمال 44 عملاً تصويراً زيتياً بقياس 170.
وأضاف: إن هذه الأعمال هي حصيلة جهد متواصل بكل التقنيات الفنية ليصل الطالب إلى هذه النتائج التي هي نهاية دراسة وبداية الحياة الفنية، حتى ينطلق كل منهم بمشروعه الخاص المبني على الموهبة والشغف والحب، فهم درسوا واكتسبوا صفة فنان تشكيلي.
ولفت بدوره إلى دور المركز في خلق فنانين ممن لم تتح لهم فرصة الدراسة الأكاديمية، حتى يرفدوا الحركة التشكيلية، ويمارسوا هذه الهواية والموهبة كثقافة مدعومة من قبل وزارة الثقافة، والمراكز جميعها تخلق أشخاصاً يقدمون المنتج الثقافي، وهي بالأساس مراكز تأهيل وتقدم كل أشكال الدعم اللوجستي.
أما المعايير التي يتم على أساسها الأعمال فهي نفسها العناصر التي تقوم عليها اللوحة من حيث” الفكرة، التشريح الفني، المنظور، نظرية الألوان، الظل والنور والإحساس”.
لحظة جمالية
تنوعت عناوين معرض الخريجين في مشاريعهم، وقدم كل منهم رؤيته الخاصة وخبرة سنوات التدريب التي مرت بشغف أولا وبجهود جادة على صعيد تقنيات الرسم والألوان ومعايير الرسم الخاصة ثانيا، وجاء يوم الحصاد، وعبر الخريجون عن مشاعرهم في تلك اللحظات الجميلة:
الفنان موسى أسود- الذي تتلمذ في معهد أدهم إسماعيل وفق المدرسة الواقعية- بين أن الواقعية هي امتلاك فن المحاكاة، وأن امتلاك المقومات الأساسية هي التي تقود إلى امتلاك اللحظة الفنية.
وعن مشروعه يقول: إنه اختار الطفولة وعذاباتها، فرسم طفلة تبيع الورد، في الوقت الذي يجب أن يهدى إليها الورد، وطفل آخر يعزف على الناي، ليبيع تلك أعواد القصب التي تصدر الألحان، وكان يجب أن يكون هذا الطفل في المدرسة، ولكنه عالج الموضوع بفلسفة اللون واللوحة.
مواقف إنسانية
الخريجة تسنيم شويكي تحدثت في لوحاتها عن سلبيات التكنولوجيا الحديثة وانشغال الأطفال والكبار بوسائل التوصل الاجتماعي، ما أدى إلى ضياع الأطفال وتشتت العائلة والكثير من القضايا التي تتعلق” بالسوشيال ميديا” على حد تعبيرها، والفن برأيها يجب أن يوظف في قضايا اجتماعية ويسلط الضوء على سلبياته ومعالجتها بطريقة موضوعية.
واعتمد مشروع منال محمد على موضوع القناعة والرضا، فمن الأهمية بمكان أن تسود مشاعر الرضا بين الناس، فالصورة توضح رجلا كبيرا في السن يبيع على” بسطة” لكن ابتسامة الرضا تشع نورا على محياه، وهي رسالة للناس لتخفيف عذاباتهم في ظل الضغوط الاجتماعية، والفن برأيها هو ضمير المجتمع والبيئة والشارع.
وتحث الخريجة آية اليحيى على الاحتفاظ باللحظات الجميلة التي تمر بنا على بساطتها، قد تكون علامة فارقة وتعيد الأمل إلى النفوس المتعبة، فلوحاتها استطاعت أن تلتقط تلك اللحظات في أجواء عائلية حميمة، أو جلسة صفا بين الأصدقاء.
وفي ظل انشغال الناس وزحمة الحياة، ترى الخريجة مرام الفرا أن الإنسان يحتاج إلى أنيس تسكن روحه إليه، وقد عبرت في لوحاتها عن هذه اللفتة الإنسانية التي بتنا نفتقدها في مجتمعاتنا، وقبل أن تنهي حديثها قالت أنا محامية لكن الفن هو شغفي الأول.
وفي لحظات من الفرح وتبادل الورود والتهاني والابتسامات وذكريات عامين من الدراسة، تم تخريج الطلاب بحضور مدير الثقافة نعيمة سليمان، والمدرسين وعدد كبير من الطلاب في السنوات الدراسية.