ظافر أحمد أحمد:
أوضح أساليب استهداف العقل السوري وثقافة السوريين من خلال الخطاب الإعلامي الذي يستهدف سوريين تحت سلطة الإرهابيين أو المحتلين، ويحتكر هذا الخطاب الحضور مع الاحتلالين الأميركي والتركي في مناطق يتم العبث بثقافة أهلها حتّى شكل البعض بيئة حاضنة لأبواق الدعاية الغربية وما تلقنه لهم لمحاولة ترسيخ الخراب لسورية، فـ “يقتنعون” أنّ التخريب تغيير، والتدمير ديمقراطية، والانفصال وجهة نظر، والانشقاق حرية رأي، والمؤامرة واجب تحرري، ولسان حالهم: “مهما كانت الكوارث على سورية وعلى مناطق الدعاية الغربية لا نأبه فنحن “ثوار أحرار”!
إنّ استهداف العقل السوري جاء بعد مرحلة نجح فيها الخطاب الغربي الإعلامي وأدواته العاملة على الأرض العربية في خداع العقل العربي الذي تعايش في جزء منه مع نظرية الربيع العربي، وقد ولد فصولاً ساخنة في عدة دول ابتليت بويلات ذلك الربيع وحتى تلك التي تظن أنّها استقرت فهي أكثر هشاشة مما تصطنعه من عناصر التماسك، إذ أصبحت دولاً مطواعة في قبضة مؤسسات الهيمنة الغربية بقيادة أميركية.
كما نجحت الدعاية الغربية في تسويق قديم لفكرة العدو البديل للعرب وقد تمّ تصنيع مرتكزاته الفكرية والثقافية والإعلامية في المطبخ الأميركي والبريطاني ووجد السوق الإعلامية العربية سوقاً ثرية جداً لتسويقه حتى اللحظة، فتغير مع تغير بوصلة العدو مفهوم الأمن القومي العربي، ومفهوم الأمن الخاص بكل دولة عربية، وتصنيفات كل دولة تجاه القوى الإرهابية، وتجاه القوى المقاومة، وينظر البعض إلى الاحتلال التركي لأجزاء من سورية كمتدخل لديه هواجسه الأمنية، وإلى الاحتلال الأميركي في الجزيرة السورية كقائد لتحالف دولي ضد داعش، وعموماً الفوضى في مفهوم الأمن القومي العربي والقطري أنتجت حروباً ثانوية مدمرة صبّت في خدمة الطرف الأميركي والإسرائيلي وهذا الأخير يشكل أكثر أطراف المنطقة غبطة بعدما اكتسحتها حروب وصراعات إقليمية وداخلية جعلت من أي قوة تقف ضده منشغلة في ملفات ترتيباتها الأمنية وحماية جغرافيتها وسيادتها، وحروب الرد على اعتداءات الدعاية الغربية التي عملت وتعمل على تشويه مفاهيم المعارضة والحرية والثورة والمقاومة والاستقلال والسيادة.
إنّ تعقيدات البحث في شؤون السوريين في المناطق الواقعة تحت سلطات الاحتلال أشد أشكال التعقيدات في الملف السوري، ولكن أوضح شأن يخصهم هو أنّهم ضحية الدعاية الغربية، ومن يدفعون الثمن حالياً وللمستقبل، وأصعب حالات الضحية عندما تظن نفسها فاعلة وليست مفعولاً بها..!
تتفكك التعقيدات تدريجياً كلما اكتشف سوريو تلك المناطق أنّهم ضحايا، وصولاً إلى لحظة يجب عليهم اكتشاف أنّ ثورتهم الحقيقية يجب أن تكون بوجه طباخي الدعاية الغربية التي تستعمرهم.