لم يحظ اليوم الوطني للتشجيع على القراءة والذي صادف في السادس عشر من هذا الشهر كانون الأول، لم يحظ بالتفاتة تليق بأهمية ما يتضمنه هذا اليوم من أبعاد كبيرة، ولم نشهد إلا القليل من الفعاليات التي تذكر بهذا اليوم، على الرغم من إدراكنا لما للكتاب وللقراءة على وجه الخصوص من أثر في نشر الثقافة وبناء الفكر لدى شرائح المجتمع كافة، وربما جيل الناشئة والأطفال بشكل خاص.
ونحن ندرك أن للقراءة قيماً فكرية وروحية وسلوكية تنعكس على مسارات الحياة كافة، سواء على صعيد العلاقات الاجتماعية أو الثقافية وحتى على صعيد العلاقات الحياتية، لأن في القراءة كنوز يمكن أن ننهل منها لتكون منارتنا التي تهدي إلى قيم الخير والمحبة، وهي في الآن نفسه تبني الإنسان، عقلاً وفكراً وروحاً.
ورغم أن المدارس في أغلبها مزودة بمكتبات كبيرة، لكنها وعلى الأغلب أيضاً تبقى طي النسيان، ولا يشجع الطلاب على ارتيادها وتداول بعض الكتب الموجودة فيها، حماية لها من التلف أو الضياع، وكأنها وجدت لتكون إضافة إلى ديكور “المدرسة”، أو تزيين المكان بها.
نحن اليوم بأمس الحاجة إلى جعل كل يوم، هو يوم وطني للقراءة نشجع فيه على ارتياد المكتبات العامة والخاصة ومكتبات المدارس، وإقامة حلقات للقراءة وسبر هذا العالم الكبير في ظل انتشار عالم الفضاءات بألوانها كافة والتي تسعى في معظمها لتسطيح الفكر وقتل روح الإبداع عند هذا الجيل الذي يعيش صراعات على غير صعيد اقتصادي واجتماعي والأهم ثقافي، في محاولات للقضاء على هويته وانتمائه وسلخه عن مجتمعه وبيئته وتبنيه لقيم لا تمت لمجتمعاتنا بصلة.
والمسؤولة كبيرة ويزداد خطر غزو العولمة لعقول أبنائنا، وعلينا استقطابهم في أندية ثقافية وأنشطة تعيد لهم التوازن الحقيقي وتثري ذائقتهم بالتراث العربي الغني بالقيم والثقافة والقراءة الهادفة، لنصوغ لديهم ثقافة حقيقية يدورون في فلك رحابتها بثقة وأمان أولاً، ومن ثم بوعي ونضوج وانتماء حقيقي.