الثورة – حمص – سهيلة إسماعيل:
تباينت آراء أصحاب المحال التجارية في أسواق مدينة حمص حول حركة البيع والشراء خلال عطلتي عيد الميلاد ورأس السنة، فمنهم من وجدها طبيعية وجيدة، في حين رآها آخرون قليلة وعادية، ولم تختلف عن الأيام السابقة، ووجدها آخرون أنَّها لا يمكن مقارنتها بأعوام سابقة، حيث كان الازدحام الشديد في السوق هو السائد بينما اختلف الوضع حالياً بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار جميع المواد ولاسيما مستلزمات العيد من ملابس وزينة وحلويات وغيرها.
ملاحظات وآراء قامت “الثورة” برصدها خلال جولة في السوق وسط المدينة لنكتشف أنَّ آراء المواطنين تقاطعت مع آراء أصحاب المحال في كثير من الأمور.
– كانت أفضل في السابق..
الشاب سامر صاحب محل لبيع الألبسة الرجالية في السوق المسقوف قال: “الحركة معقولة خلال الفترة السابقة للأعياد لكن لايمكن مقارنتها بالحركة خلال العام الماضي أو الذي سبقه، والسبب في ذلك ارتفاع أسعار الألبسة والحاجات الاستهلاكية الأخرى في السوق، مضيفاً: ونحن كأصحاب محال لايمكن أن نبيع بأسعار مخفضة لأن أسعار البضاعة مرتفعة، حيث يصل سعر بنطال الجينز إلى 200 ألف ليرة، وهو سعر مرتفع جداً إذا أردنا مقارنته بدخل المواطن، وكذلك أسعار الكنزات والبيجامات.
ورأى أبو يحيى- وهو صاحب محل قديم في السوق المسقوف لبيع المستلزمات الشتوية من جوارب وقفازات وشالات وقبّعات صوفية- أن الإقبال على الشراء عادي ولم يشهد السوق حتى الآن الازدحام المعهود السابق لمناسبات الأعياد، حيث كانت الأسرة السورية – ليس في حمص وحدها بل في جميع المدن – تعمد إلى تجديد كل شيء قبل العيد من ملابس وزينة للمنزل وحتى الفرش، لكن الآن اختلف الوضع، وأصبح المواطن لا يشتري إلا ما يلزمه.
عبد الله عبارة- صاحب محل لبيع الجزادين والعطورات في حي الدبلان- أكد أن الحركة معقولة، ولا يمكن أن نأخذ الأيام القليلة السابقة للأعياد مقياساً لحركة السوق لأن بعض المواطنين ربما يشترون قبل شهر أو أكثر تحضيراً للعيد لأن لكل عيد بهجته ومستلزماته الخاصة، والسوق مملوء بالمحال التجارية، وبإمكان المواطن شراء ما يلزمه من المحل الذي يتناسب مع قوته الشرائية، لأنه من المعروف أن الأسعار تختلف بحسب نوعية البضاعة المعروضة.
أحمد إبراهيم- بائع زينة للعيد وبوالين ملونة يتنقل على دراجته في أماكن مختلفة- فقال: أبيع الزينة والبوالين الخاصة بالعيد منذ ما يقارب الخمسة عشر عاماً، وقد لاحظت هذا العام الإقبال الضعيف جداً على الشراء، وذلك بسبب الغلاء، ويتراوح سعر البالون لديَّ بين الـ3000 والـ 10000 ويجد الناس أن السعر مرتفع فلا يشترون، وأنا أتنقل بين شارع الحضارة والدبلان والسوق المسقوف، ويتكرر الأمر معي في كل الأماكن.
غانم عبد المولى- صاحب محل لبيع الألبسة الرجالية في شارع الدبلان- قال: الحركة جيدة والإقبال مقبول، ولم ألاحظ الفرق الشاسع بين هذا العام والعام الماضي وللفترة الزمنية نفسها، وأضاف مبرراً كلامه: ربما لأن أسعارنا في المحل معقولة مقارنة ببقية المحال، أو لأن أسعار الألبسة الرجالية لم ترتفع إلى درجة ارتفاع أسعار الألبسة النسائية وألبسة الأطفال، فنحن نملك المحل منذ عشرات السنين، وتوارثنا المهنة أباً عن جد ما أكسبنا سمعتنا ومصداقيتنا في السوق، وبالتالي إقبال الناس للشراء من محلنا.
رشيد اليافي- صاحب محل لبيع الحلويات- قال: “إن البيع قليل جداً لارتفاع أسعار الحلويات نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج من مواد أولية “دقيق– سكر– مكسرات” وارتفاع المحروقات وأجور اليد العاملة، لذلك فإن أغلبية الأسر تلجأ إلى صنع ما يتيسر لها من أنواع الحلوى حيث تبقى الكلفة أقل من كلفة شراء الحلويات الجاهزة.”
– مواطنون: ضعف القوة الشرائية..
وخلال جولتنا التقينا بعدد من المواطنين الذين عبروا عن دهشتهم بما وصل إليه حال السوق سواء لجهة الأسعار أم البهجة المرافقة للازدحام في السنوات الماضية.
المواطن نزار- مدرس لمادة الرياضيات قال: “لا يستطيع المواطن شراء كل ما يلزمه دفعة واحدة لأن الأسعار مرتفعة جداً وأغلب المواطنين يعانون من ضعف القوة الشرائية بسبب الفرق الكبير بين الدخل والمصروف، وإذا كنا نريد أن نتسوّق مثل أيام زمان فيلزمنا ملايين الليرات لشراء ملابس جديدة ومستلزمات العيد.
السيدة جانيت وهي أم لثلاثة أولاد: لم أستطع شراء ملابس جديدة لكل أولادي قبل العيد، وشراء كل ما يلزمني من السوق بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرتي من الناحية المادية.
وقال الشاب محمد وهو طالب جامعي:”اشتريت بنطال جينز من النوعية العادية بـ 180 ألف ليرة، وأنا أعمل وأدرس، ولولا ذلك لما استطعت شراءه بسبب ارتفاع الأسعار غير المسبوق وصعوبة تأمين مستلزمات الحياة”.
غرفة التجارة: لا نستطيع التدخل
تسعى غرفة التجارة في حمص ومعها الجهات المعنية الأخرى لإعادة سوق مدينة حمص إلى سابق عهده قبل الحرب، وذلك من خلال تشجيع أصحاب المحال الذين لم يعودوا بعد إلى محالهم، لكن الغرفة- وكما أكد لـ “الثورة” أحد أعضائها، لاتستطيع التدخل بالأسعار على الرغم من توصياتها لأصحاب المحال بالبيع بسعر معقول، لأن ارتفاع الأسعار ليس وليد للحظة الراهنة، وإنما هناك عدة عوامل ساهمت فيه منها ارتفاع المواد الأولية والمحروقات واليد العاملة وغيرها من العوامل الأخرى.
ويرى أغلب أعضاء الغرفة أن أصحاب المحال التجارية يلتزمون بتسعيرة محددة، ولا يستطيعون تجاوزها، وهناك رقابة دائمة على الأسعار من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
تصوير: أحمد المعلم