في سياق نقاشه التأثير المغاير للتضخم على ميزانيات الأسر “المركزي”: الدخل الحقيقي للعاملين متدنٍ على الرغم من الارتفاعات الاسمية عليه
الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
اعتبر مصرف سورية المركزي أن التضخم يؤثر على كل القطاعات والأسر ويشمل مختلف القنوات الاقتصادية ومصادر الدخل المتنوعة، ولكن ليس بذات الطريقة للجميع، ناهيك عن أن الاختلافات في تكوين الثروة أو الرواتب أو أنماط الاستهلاك تؤدي إلى نتائج مختلفة تماما بالنسبة للأفراد (الذين وصفهم المركزي بـالمختلفين أساسا).
انخفاض الدخل
أما في سورية فقال المركزي في تقرير له حول “التأثير المغاير للتضخم على ميزانيات الأسر”: إن تأثير التضخم ومستويات الأسعار المرتفعة بين الأفراد والشركات يتفاوت، إلا أن الجميع في سورية تأثر بشكل كبير بذلك، وإن كان بنسب متباينة، ولاسيما أصحاب الدخل المحدود ممن مازالوا يقومون على رأس عملهم والمتقاعدين كذلك، ولم ينج من ذلك بطبيعة الحال أصحاب الإيداعات والمدخرات، مما أدى إلى انخفاض القيم النقدية أموالهم.
وكشف “المركزي” أن قناة الدخل تعتبر أكثر القنوات المتضررة في الاقتصاد السوري على اعتبار أن الدخل الحقيقي، وخاصة لشريحة العاملين قد انخفض إلى مستويات متدنية على الرغم من الارتفاعات الاسمية عليه.
المرتبة الثانية
أما في المرتبة الثانية لأكثر المتضررين فبيّن المركزي أنها قناة الاستهلاك لجهة ارتفاع أسعار السلع بمعدلات غير مسبوقة وغير متجانسة إثر التضخم القائم وتوقعات التضخم المستقبلية، كما تأثرت السلع الأساسية بدرجة كبيرة مما جعل جميع الإفراد خاضعين لنتائج التضخم السلبية على مستوى هذه القناة، على اعتبار أن سلل الاستهلاك متشابهة بنسبة كبيرة بين الأسر مع وجود بعض المميزات المتعلقة بنمط كل آسرة والمتوسط العمري لأفرادها، لجهة أن الأسر التي تشتمل على أفراد من كبار السن والأطفال تعتبر الأكثر معاناة نتيجة المرحلة الاقتصادية الراهنة، وكذلك ممن يعتبر أفرادها من أصحاب الدخل المحدود مع عدم وجود مصدر آخر للدخل .. آو الثروة..!
قنوات التأثير التضخّميّ
المركزي وكدأبه في دراساته هذه، أشار إلى ورقة عمل أعدت لمصلحة بنك التسويات الدولية، موضحاً أن هذه الأخيرة تهدف إلى إلقاء الضوء على القنوات المختلفة التي يؤثر من خلالها التضخم على عدم المساواة في الثروة ضمن ميزانيات الأسر، لافتاً إلى أن هذه الورقة درست ثلاث قنوات رئيسية تحدد عن طريقها كيفية تأثير التضخم على عدم المساواة في الثروة والتي تشمل: أولاً: قناة الثروة ومن خلالها يعيد التضخم توزيعها من المقرضين إلى المقترضين، وثانياً: قناة الدخل والتي يعمل التضخم من خلالها على خفض القيمة الحقيقية للأجور والمزايا الثابتة، وثالثاً قناة الاستهلاك والتي تؤثر من خلالها الزيادات غير المتجانسة في أسعار السلع المختلفة على الأفراد بشكل مختلف وذلك وفق سلة استهلاك كل منهم.
النموذج الاسبانيّ
الورقة هذه تقيس القنوات آنفة الذكر خلال فترات ارتفاع التضخم لعام 2021 في إسبانيا، مستخدمة لذلك بيانات مفصلة وعالية التكرار على مستوى العميل من احد البنوك التجارية الرئيسية الاسبانية.
كما تبين الورقة أن الطبيعة غير المتوقعة والتصور المؤقت لصدمة التضخم في هذه الفترة بالذات يتوافق بشكل وثيق مع الافتراضات الكامنة في تحليلات الورقة، كما أظهرت النتائج أن قنوات الثروة والدخل أكبر بدرجة واحدة من قناة الاستهلاك ولم يتأثر إلى حد كبير الأفراد الذين بلغوا منتصف العمر- تقريباً بالتضخم، على اعتبار أنهم في العادة يتوجهون ليكونوا مقترضين اسميين بكفالة الرهون العقارية غالباً.
كما بينت الورقة أن كبار السن هم الأكثر معاناة نتيجة التضخم الحاصل، بالنظر إلى فقدان معاشاتهم التقاعدية قيمتها وكذلك ودائعهم ومدخراتهم النقدية.