الثورة _ هفاف ميهوب:
لم يعد يثير استغرابنا، عجزنا عن جعل محركات البحث، تساعدنا في إيجادِ الكتبِ والقراءاتِ والإصدارات، التي تكشف حقائق تفضح وتُدين وتوثّق، جرائم الغرب والصهيونية..
لم يعد ذلك يثير استغرابنا، ليقيننا بأن للصهيونية العالمية أذرعاً، تلتف على كلّ الفضاءات فتحكمها، لتُظهر كلّ ما يخدم أطماعها وتطلعاتها، وتُخفي ما يدينها ويكشف شرورها وجرائمها.
حتماً، هذا ليس بالأمر الجديد عليها، فما أكثر المرّات التي حاولنا فيها، تحميل إصدارات تتناول جرائم الغرب والصهيونية، ومن دون جدوى لطالما، كلّما ضغطنا على رابطٍ للتحميل، فوجئنا برابطٍ آخر، وإن عاودنا الضغط على هذا الرابط، إما أن يطالعنا إنذارٌ يُعلمنا بتعرّض جهازنا للقرصنة، أو نُفاجأ بالمقزّز من الصورِ التي يراد منها، جذب انتباهنا بعيداً عما نبحث عنه، بل وإلغائه من كلّ المواقع والصفحات الإلكترونية.
إنه أمرٌ لم يعد يُخفى على قارئ قادر على تتبّعِ ما تتبّعناه من صورٍ، كانت الكاتبة والباحثة الفرنسية “فيفيان فورستييه” واحدة من كتّاب العالم الذين التقطوا الكثير منها، ووثّقوا ماوثّقته في “جريمة الغرب”.. الكتاب الذي وإن أعيانا إيجاده عبر محركات البحث، إلا أنه لم يصعب علينا معرفة مايتناوله.
هو كتابٌ، تكشف فيه عن كيفية احتلال العدوّ الاسرائيلي لفلسطين، إثر وعد بلفور المشؤوم، وكيفية قيامه بسلخها عن أبنائها، وطردهم وتشريدهم واغتيالهم.. تكشف أيضاً، عن دور الدول الأوروبية في هذا الاحتلال، ومساهمتها في إقامة حكومة مزعومة لـ”إسرائيل” في وطن الفلسطينيين وفوق أرضهم.
هي فعلاً “جريمة الغرب”.. هذا مايعرفه كلّ العالم، وما تجرّأت “فورستييه” على توثيقه، مشيرة إلى مانجم عن هذه الجريمة، من مجازرٍ وإبادات وحشية.. الإبادات التي ارتُكبت بحقّ شعبٍ رفض أغلبه مغادرة أرضه، فعانى الكثير من ممارساتِ العدوّ الدموية.
تتناول “فورستييه” كلّ ذلك، لتواجه بعدها حكومات العالم والمجتمع الغربي، بأسئلة تبين فيها الحقائق، ساخرة من ادّعاءاتهم ومنطقهم الغبي:
“مَن قام بتهجير السكان الأصليّين لفلسطين، ومن ثم احتلّها بالقوة والترهيب، الفلسطينيون أم اليهود؟..
لاتتوقف الكاتبة لدى هذا الحدّ، بل وتشير إلى أن أوروبا، لم تساهم فقط في مأساة الشعب الفلسطيني، بل وفي الفوضى التي عمّت العالم العربي، وبأنها لم تكتفِ بمساعدة اليهود في احتلال فلسطين فقط، بل وبدعم جرائمهم، ومشاركتهم في سفكِ دمِ كلّ من لا يؤيد منطقهم العنصري:
“تركت أوروبا اليهود يتفنّنون، في قتلِ وذبح وهدم بيوت الفلسطينيين، وتهجيرهم والاستيلاء على أرضهم واعتقالهم، وغير ذلك مما يؤكد بأن بذور الإجرام والعنصرية، ليست لدى العرب، وإنما لدى اليهود والأوروبيين”..
باختصار، يوجّه هذا الكتاب صفعة قوية للغرب والصهيونية، وبما فيه من حقائقٍ هزّت العالم بأكمله، ولاسيما الأوساط الثقافية والسياسية.. العالم الذي عُرف عنه، تأثّره بالدعاية الصهيونية، وصمته عن الجرائم التي ترتكبها، بحقّ الإنسان والإنسانية.
بيد أن السبب الذي جعل محركات البحث، تخفي أو تحذف هذا الكتاب، قد بات واضحاً ويؤكد أكثر فأكثر، مقدار هيمنة وتأثير الأكاذيب والادّعاءات الصهيونية العالمية، بل ومقدار استماتتها لإخفاء حقيقتها، وصورتها الإجرامية.