تعكس الأعمال الإرهابية التي نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي الطبيعة الإرهابية لكيان الاحتلال الصهيوني صاحب أكبر سجل إرهابي في العالم وسعي قادته لتصدير أزماتهم الداخلية واستعادة هيبة كيانهم بعد عملية طوفان الأقصى حيث أصبح هذا الكيان في حالة عدم توازن ومكشوفاً أمام العالم وعاجزاً عن ترويج وهم قوته وقدرته وتفوقه العسكري في المنطقة.
يندرج قيام جهاز الموساد الإسرائيلي بتنفيذ عملين إرهابيين في يوم واحد الأول في بيروت والثاني في محافظة كرامان الإيرانية في سياق السعي لاستعادة هيبته المصابة بضرر لا يمكن إصلاحه على الإطلاق وكل الذرائع التي يختلقها هي أمور ثانوية بالنظر لتاريخه الإجرامي الدموي منذ احتلال فلسطين إلى اليوم.
سيعمل قادة هذا الكيان الإرهابي على توظيف أعمالهم الإرهابية هذه على الصعيد الداخلي بشكل أساسي على مستوى المعركة التواصلية مع قوى المقاومة على اختلاف أنواعها ولكن هذا لم ولن يحدث فرقاً على أرض الواق وخاصة في ظل فشك الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة في تحقيق أهدافه وتكبده خسائر فادحة في الأرواح والمعدات يومياً وتفاعلات تلك السلبية على مستوى المستوى السياسي والوضع الداخلي المأزوم .
لن يعيد استهداف المدنيين وتنفيذ أعمال إرهابية من هذا النوع ما انكسر على كل الصعد الأمنية والسياسية والعسكرية في كيان الاحتلال الإسرائيلي ولن تخرج هذا الكيان من ورطته في قطاع غزة والردود تتوسع داخلياً وخارجياً باتجاهات متعددة ومن المحتمل أن تزداد سخونتها مع احتمال قيام قوى المقاومة بالرد على هذه الأعمال الإرهابية في بيروت وكرامين.
إن رد قوى المقاومة على هذه الأعمال الإرهابية يمكن أن يكون غير محسوب من قادة هذا الكيان على الرغم من إدراكه للقدرات التي تمتلكها هذه القوى في مساحة المنطقة بأكملها والتي قد تستهدف الجرح النازف الذي يحاول هذا الكيان مداواة دون جدوى وخاصة على المستوى الداخلي.
من المؤكد أن كيان العدو الصهيوني لا يقوم بارتكاب هذه الأعمال الإرهابية إلا بعد التنسيق مع الولايات المتحدة ولذلك كما هي واشنطن شريكة في جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة هي شريكة أيضاً في سفك دماء المدنيين الأبرياء في بيروت وكرامين وبالتالي هي معنية بالرد وتحمل عواقبه على مصالحها ووجودها في المنطقة.
دخلت المعركة الدائرة بين قوى المقاومة بكل تفاصيلها وبين كيان الاحتلال الإسرائيلي مع العملين الإرهابيين في بيروت وكرمان مرحلة جديدة يتحمل مسؤولية تداعياتها هذا الكيان والدول الغربية التي تدعمه وتوفر الحماية الدولية له وفي مقدمتها الولايات المتحدة وخاصة لجهة تغيير القواعد المتبعة والمضبوطة حتى الآن توخياً لعدم امتدادها إلى مناطق ودول أخرى.
إن محاولة الولايات المتحدة تطويق تداعيات التفجيرين الإرهابيين في بيروت وكرامان عبر إرسال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى المنطقة يوم الخميس القادم والسعي للتواصل غير المباشر مع إيران ومنع تدهور الأوضاع بين المقاومة اللبنانية وكيان العدو لن تحقق هدفها المنشود إلا إذا قدمت واشنطن تنازلات جوهرية في مقدمتها إيقاف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ولكن ما صدر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر بهذا الخصوص لا يمكن اعتباره بأي شكل من الأشكال توجهاً أميركياً يسهم في منع ازدياد حالة التوتر والتصعيد في المنطقة .
في هذه الظروف المعقدة يتوجب على قوى المقاومة أخذ الحيطة والحذر من هذا السلوك الإرهابي الإسرائيلي القديم الجديد والمبادرة للتنسيق النوعي والاستخباراتي وعدم الوقوع في الفخاخ الإسرائيلية وفي نفس الوقت اختيار الرد الموجع والمؤلم والذي تفقد فيه حكومة نتنياهو الثقة أي فائدة من لجوئها إلى هذه الخيارات الإرهابية.