صحيح أنه في ظل الانحياز الأميركي والغربي الفج إلى جانب الجلاد الصهيوني ضد الضحية الفلسطيني، لا نتوقع من محكمة العدل الدولية أن تقوم بما عجز عنه المجتمع الدولي بهيئاته ومنظماته للجم العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 94 يوماً على قطاع غزة المحاصر، ولكن مجرد قيام جنوب إفريقيا بتحريك دعوى جنائية ضد الاحتلال الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية، لارتكابه جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، وقبول المحكمة النظر في هذه الدعوى يعد خرقاً مهماً في جدار الصمت الدولي على جرائم هذا الكيان المارق، وبادرة أمل نحو وقف جريمة العصر الكبرى.
وبعد أن دخل العدوان الإسرائيلي شهره الرابع على قطاع غزة، وهو يرتكب كل يوم عشرات المجازر وجرائم الإبادة الجماعية الموصوفة والموثقة بالصوت والصورة، فهذا يستوجب من جميع الدول المحبة للسلام والمدافعة عن السلم والأمن الدوليين أن تحذو حذو دولة جنوب إفريقيا وأن تقدم إدعاءاتها ضد حكومة الاحتلال بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حربها على غزة والضفة الغربية.
وأضعف الإيمان أن تبادر حكومات هذه الدول إلى مساندة الحكومة الجنوب إفريقية في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وتزويدها بما تحتاجه من أدلة دامغة وقرائن مثبتة من قلب الجحيم الذي يعيش فيه الفلسطينيون في غزة نتيجة العدوان، وخاصة بعدما أصبح بنك أهداف العدو المستشفيات ومراكز الإيواء والمدارس والمراكز الأممية ودور العبادة، وأضحت الطفولة الضحية رقم واحد للأسلحة الفتاكة الأميركية والأوروبية.
وأمام إعلان حكومة العدو الإسرائيلي اليوم تعيين قاض ليمثلها في اللجنة التي ستنظر في ادعاء جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية يومي الخميس والجمعة القادمين وإقرارها بالمثول أمام المحكمة، أصبح لزاماً على الدول الإسلامية والعربية منها على وجه الخصوص أن تكثف جهودها الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم لمواجهة الحملة الدبلوماسية المسعورة التي بدأتها “إسرائيل” في كل مكان وصلت إليه لممارسة ضغط دولي على المحكمة لثنيها عن اتخاذ قرار ضدها.
وعليه فإن أخفق مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة بسبب إصرار واشنطن على استمرار الحرب واستخدامها للفيتو ضد كل مشاريع القرارات المطالبة بوقف إطلاق النار، لعل محكمة العدل الدولية تستطيع في هذه المحاكمة أن تدين الكيان الصهيوني وتلزمه بوقف عدوانه الغاشم على الفلسطينيين.. فهل تفعلها محكمة لاهاي؟
