الثورة- عمار النعمة :
خالد أبو خالد اسم دمغ في ميدان الشعر لسنوات طويلة، رجل دمث، عفوي، لطيف، محبّ، مسيرة حياته مليئة بالعمل والعطاء والنضال على كافة المستويات.
خالد أبو خالد الذي تمر ذكرى وفاته هذه الأيام ولد في سيلة الظهر في مدينة جنين عام 1937، ابناً وحيداً للقائد المجاهد محمد صالح الحمد السيلاوي (أبو خالد)، أحد قادة تنظيم الشيخ عز الدين القسّام، فقد استشهد والده في معركة ضد الجيش البريطاني قبل أن يبلغ العاشرة من عمره.
يحمل أرشيفاً لايمكن للمرء إلا أن يقف عنده، فهو الذي عاش طفولته وشبابه في ظروف صعبة واضطر للعمل بمهن عديدة وبعد أن حاز الشهادة الثانوية عمل في الإذاعة والتلفزيون في الكويت، وفي سورية كمذيع ومعد للبرامج نظراً لصوته المميز وإلقائه المعبّر وثقافته الواسع، وبعد وقوع نكسة حزيران 1967 انخرط في العمل المقاوم والفدائي حتى صار قائداً للثورة الفلسطينية شمال الأردن.
دخل أبو خالد بوابة الأدب من رحاب أبي الفنون فأصدر مسرحية بعنوان فتحي سنة 1969 ثم توجه إلى عالم الشعر فأصدر أولى مجموعاته بعنوان: قصائد منقوشة على مسلة الأشرفية سنة 1971 ثم تتالت من بعدها إصداراته جمعت كلها ضمن أعماله الكاملة تحت اسم العوديسة الفلسطينية، واتسمت قصائده برأي النقاد بميلها للحداثة والتجديد ومحافظتها على الموسيقا وارتباطها بالقضية الفلسطينية بصورة مباشرة ورمزية.
عرفته منذ سنوات بعيدة عندما التقيته في اتحاد الكتاب الفلسطينين، يومها أهداني مجموعته الشعرية الغنية (العوديسا الفلسطينية) وقد حدثني آنذاك عن أهميتها في حياته الشعرية، لتتالى بعدها الزيارات المتتالية إلى منزله الكائن في المزة، ففي كلّ مرة كان صديقاً محباً لدرجة أصبح في كلّ اتصال معه يناديني (أهلاً عمار الثورة) تيمناً بصحيفة الثورة الغراء التي أعمل بها، والتي أحبّها وكتب بها منذ عشرات السنين.
في أحد اللقاءات تمنينا عليه بأن يعود للكتابة في صحيفة الثورة، فهي الأقرب إلى قلبه حسب تعبيره، فقال لي (أنا جاهز) وبالفعل أصبح يرسل لنا زاوية أسبوعية إلى دائرة الثقافة تناول من خلالها الحديث عن الشعر والنقد والنقاد والمسرح والقضية الفلسطينية والأدب المقاوم والفن التشكيلي… وغير ذلك .
في لقائنا الأخير سألته عن فلسطين وسورية فقال لي : هما واحد بالنسبة لي، سورية أم الجميع وأفق الجميع وعندما تنتصرلا تنتصر لنفسها بل تنتصر للمنطقة والعالم والإنسانية، فهي البلد الوحيد الذي صمد في هذا الصراع والذي أبقى على المنطقة، سورية في التاريخ كما في الجغرافيا عالم أسس عوالم ولهذا شنت الحرب عليها.
اليوم ونحن نشهد العدوان الصهيوني على أهل غزة نشعر بأننا بحاجة لخالد أبو خالد الذي دافع عن فلسطين وكتب عنها عشرات القصائد فهو الذي قال :
سأرتّب الآن الوسائد..
في دمي..
سأوزّع الآن القصائد..
في النحاس..
لكي نودّعَها.. جريحاً..
أو جريحة..
إيمان في دمها تنام..
في رحاب الذكرى نقول: رحمك الله أبا خالد صاحب مقولة :(إما فلسطين أو فلسطين)، ثوابتك الوطنية محفورة في قلوبنا جميعاً، طريقك المعبد بالحكايا والجهود الكبيرة والعمل المثمر باق في التاريخ كما أشعارك التي كانت بالنسبة لك أداة لتساهم في تكوين الحاضر ومستقبل الحرية الموعود لفلسطين الأسيرة.
• يذكر أن للشاعر العديد من المؤلفات نذكر منها:
– فتحي- مسرحية – عمان 1969.
– الرحيل باتجاه العودة – قصيدة طويلة – القاهرة 1970.
– قصائد منقوشة على مسلة الأشرفية – مجموعة شعرية مشتركة – دمشق 1971.
– وسام على صدر الميليشيا- شعر- بيروت 1971.
– تغريبة خالد أبو خالد- شعر- بيروت – 1972.
– الجدل في منتصف الليل- شعر – دمشق 1973.
– أغنية حب عربية إلى هانوي – شعر – بغداد 1973.
– وشاهراً سلاسلي أجيء – شعر- بيروت 1974.
– بيسان في الرماد- شعر- بيروت 1978.
– أسميك بحراً، اسمي يدي الرمل- شعر- المغرب 1991.
– العوديسا الفلسطينية في ثلاثة أجزاء عن بيت الشعر الفلسطيني عام 2008.