الثورة – حمص – سلوى إسماعيل الديب:
“بداية لابد وأن نذكر أن للمرأة السورية بشكل عام والحمصية بشكل خاص مكانة هامة في التاريخ القديم، وحتى يومنا هذا، منذ أسطورة عشتار -آلهة الخصوبة والجمال- مروراً بجوليا دومنا إمبراطورة روما، وزنوبيا ملكة تدمر في التاريخ القديم، وصولاً إلى السيدة الأولى أسماء الأسد ودورها الهام في جميع المستويات في سورية…” بهذه الكلمات استهل محاضرته المحامي مرهف شهله بعنوان ” المرأة في القانون السوري” من على منبر رابطة الخريجين الجامعيين في حمص بحضور عدد من أعضاء الرابطة والمهتمين.
ونورد بعض ما تناوله القانون السوري، من خلال هذه المحاضرة:
يقول شهله: ويكفي أن نذكر المكانة الهامة للسيدة مريم العذراء التي تمتعت بها في المسيحيه، والإسلام على حد سواء، أما الإسلام فقد كرَّم المرأة وأعطاها حقوقاً كانت تفتقدها في ظل الجاهليه والوثنيه ما قبل الإسلام، وأهمها حق الحياة، فحرم الإسلام قتل البنات، واعتبرها من أعظم الذنوب، وإن للذي يربي البنات ويحسن في تربيتهم جزاء عظيماً وهو الجنة، إضافه لإعطائهن حق التملك والميراث، وفي القرآن لم يفضل الذكور على الإناث، إلا بالتقوى والعمل الصالح، فقد جاء في سورة الحجرات “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل”.
وأضاف: عند التحدث عن القانون وخاصة في مدينتنا حمص من واجبنا أن نتحدث عن الحقوقي السوري “بانبيان” “ملجأ الحقوق وأمين القوانين” كما كان يلقب في ذلك الزمان، الذي ولد في حمص عام 142للميلاد واستشهد دفاعاً عن العدالة، وإيماناً بالقوانين التي وضعها في روما عام 212 للميلاد..
وقصة أولاد إمبراطور روما آنذاك سبتيموس /كركلا وغيتا /وصراعهم على الحكم ومقتل غيتا على يدّ كركلا، الذي طلب من بانبيان صوغ رسالة تشرِّع فعلته أمام مجلس الشيوخ ولكن بابليان رفض ذلك بقوله الشهير /إنَ ارتكاب جريمة قتل أهون من تسويغ هذا القتل/ فحكم كركلا بقطع رأس بابنيان.
إن بابنيان وغيره من المشرعين السوريين اشتهروا باسم الفقهاء الرومانيين الاسم الذي أطلق على القوانين التي وضعوها، قال المؤرخون في ذلك:(في القرن الثالث الميلادي كانت سورية تعكس على العالم تقاليدها الحقوقية التي تعد مصدر الحقوق).
ولما قدمه بابنيان للقانون تم وضع تمثال له في روما أمام دار العدل وأيضا جدارية معنونه باسمه موجودة اليوم أمام مبنى الكونغرس الأمريكي تكريماً لدوره القانوني الكبير كتب عليها: “مؤلف لأكثر من ست وخمسين مؤلفاً في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية”.
وأوضح شهله: بالعودة لموضوعنا نجد أن كافة التشريعات السورية جاءت منصفة للمرأة بدءاً من دستور الجمهورية العربية السورية مروراً بكافة القوانين والتشريعات المعمول بها.
ففي قوانين العمل لم تميز التشريعات السورية بين الرجل والمرأة، من حيث الأجور وساعات العمل والتعويضات والنقابات والتأمينات، بل جاء ليحمي المرأة من العمل ليلاً، ومن الأعمال الضارة صحياً إضافة لحصولها على إجازة الأمومة كاملة الأجر، ومنحها التعويض العائلي وحق الإرضاع، وأيضاً قانون التأمينات الاجتماعية، وقد منحها المشرِّع الحق بمعاش الشيخوخة.
لافتاً إلى أن نصوص القانون المدني جاءت منسجمة مع الدستور السوري بالمساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق والواجبات التي ينص عليها القانون فالمرأة تتمتع بالأهلية القانونية الكاملة في إبرام العقود وحيازة الممتلكات والتصرف بذمة مالية مستقلة.
– تميز بعض القوانين..
وأشار المحامي شهلة لتمييز بعض القوانين بين الجنسين، وقد اعتبرتها بعض القوانين ناقصة أهلية، منها: الاغتصاب المادة ٥٠٨ ” إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجنايات الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها (الاغتصاب) يستفيد مرتكب الفعل العذر المخفف وفق أحكام المادة /٢٤١/…
على المشرِّع إلغاء هذا النص فلا يمكن لمجرم الاستمرار بارتكاب جريمة الاغتصاب بشكل قانوني مشرَّع، ولو بعد سنين من الحبس، كيف تستطيع هذه المرأة التي اغتصبت واستمر اغتصابها بحكم القانون أن تبني مجتمعاً سليماً، مبني على المساواة بين أفراده.
كما تناول شهله الجرائم التي ترتكب باسم العاطفة وفق المادة 242، وقانون الجنسية حيث لاتستطيع الأم منح الجنسية لأولادها، والعديد من القضايا الإشكالية في القانون.
اخيراً: هذا غيض من فيض مما تناوله المحامي مرهف شهله في محاضرته.