فؤاد مسعد
«العدو واحد» هي فكرة يمكن استخلاصها من الأحداث التاريخية التي مرت على المنطقة، فمن يحتل الجولان هو نفسه يحتل فلسطين، ومن يمارس عمليات القتل بوحشية منذ مجزرة عصابتي «إتسل، ليحي» الصهيونيتين في سوق حيفا «6 آذار 1938» ومذبحة بلدة الشيخ «31 كانون أول 1947» ومذبحة دير ياسين «9 نيسان 1948»، وبعدها احتلال الجولان عام 1967 وما قام به من مجازر وتهجير وحصار وسرقة للأراضي، هو نفسه من يقوم اليوم بمذابحه في غزة، بما في ذلك قصف مستشفى الأهلي المعمداني في القطاع، والذي كان يحتمي به المدنيون المهجرون إضافة إلى الجرحى والأطباء والمسعفين.
فكرة أن العدو هو نفسه عبّرت عنها أفلام سينمائية سورية، وخاصة فيلم «الهوية» الذي يبقى له ألقه وحضوره في الذاكرة، رغم مرور سنوات كثيرة على إنتاجه، فهو يحمل طزاجته عبر ما يطرح من أفكار ومقولات تؤكد أن الأرض تلد الأبطال والمناضلين دائماً، متناولاً حكاية مقاومة وأمل، ويمكن اعتباره قراءة لتاريخ المنطقة وقصة النضال خلال عشرين سنة «1961 – 1981»، الفيلم إخراج غسان شميط وتأليف مشترك بينه وبين وفيق يوسف، وإنتاج المؤسسة العامة للسينما.
يحمل العمل هماً وطنياً وقومياً، ويلقي الضوء على معاناة أهلنا في الجولان المحتل ورفضهم الهوية الإسرائيلية، كما يحمل صفته العربية، فالنضال واحد ضد العدو الصهيوني لذلك حرص صنّاعه أن تدور الأحداث بين بيئتين محليتين «الجليل الأعلى في فلسطين – مجدل شمس في الجولان»، حول ذلك يقول المخرج غسان شميط: «وجدت هذا الحل مناسباً لربط قضية فلسطين بالجولان، إنه مصير واحد ومشترك والعدو واحد هنا وهناك، وأساليب المحتل هي نفسها في كل مكان وزمان»، ويقدم الفيلم حكاية تحمل هاجساً وتوقاً للحرية والكفاح، وضمن هذا الإطار يؤكد المخرج أنه اختار لعمله شريحة اجتماعية قادرة على الحب والعطاء، هي تحبّ بكلّ جوارحها، تحبّ إلى درجة التضحية بالنفس، إن كان في سبيل الوطن والأرض أو الحبيبة.