لم يترك العدو الإسرائيلي بنداً في حقوق الإنسان أو المواثيق الأممية لم يخرقه في حربه المستمرة على غزة، من قصف المستشفيات وحصارها إلى وأد الاطفال واغتيال الصحفيين إلى منع دخول المساعدات الإنسانية وقصف المخابز واستهداف رغيف الخبز الذي بات معجوناً بدماء الأبرياء حتى وصلت غزة إلى كارثة غذائية وصحية، والعجز الأممي للحظة الراهنة يسود مشهد الإبادة الجماعية الممارسة جهاراً.
كل تلك الجرائم والهيئة الأممية لم تحرك ساكناً، ولم يثر لها حمية إلا بالتصريحات وذر رماد القلق والاستنكار في العيون الدولية لأنها مصادرة الفاعلية مسلوبة الإرادة أميركياً وصهيونياً لا تجرؤ على اتخاذ موقف شجاع وتدابير فعلية صارمة توقف المذبحة، وتمنع تمدد بقعة زيت العربدة العدوانية الإسرائيلية والغربية إقليمياً.
تصريحات وبيانات كثيرة صدرت من منظمات أممية، ونواقيس الخطر خشية من كوارث واقعة التي دقها الأمين العام للأمم المتحدة وغيره من ممثلي المنظمات الدولية لم تخترق صمم الوحشية الإسرائيلية ولم تلق لها آذاناً مصغية لدى غرب منخرط بمجازر الإبادة، ويجاهر علناً بدعمه للمجرم المتلذذ بتعذيب ضحايا إرهابه توهماً منه أنه سيمحو بدمائهم عار هزائمه.
المستهجن في الأمر من تخاطب الهيئة الأممية ومهمتها هي بتر الذراع المعتدية على الإنسانية والمتطاولة على قوانينها ولم تستطع اتخاذ إجراء واحد على الأقل يضمن إدخال المساعدات الإنسانية كأبسط حدود واجباتها ومهامها،وإذا كان المحفل الأممي بكل مشتقاته وتفرعاته المختصة بصون الإنسانية عاجزين عن إيقاف العدوان المتواصل على الغزاويين، فلما لا تنعي ذاتها وتقر بأنها فاقدة الأهلية القانونية الملزمة وأن الكيان المارق اغتال شرعتها ومثّل بمواثيقها وضرب بقوانينها عرض الحائط.
الأكثر فجاجة من الهيئة الأممية وشلل مؤسساتها أن يتباكى بلينكن و”ينفطر قلبه” على ذبح الأبرياء في غزة، وبلاده منغمسة بحكامها ومجلس شيوخها وأركان حروبها حتى أخمص إرهابها في المجازر وتمعن بلا توقف في شحذ سكاكين الكيان الدموي، فهل هناك دونية وانحدار وضيع ووقاحة أكثر من حال امبراطورية الدم والإرهاب؟!.