الثورة – متابعة رفاه الدروبي:
نظمت وزارة الثقافة بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية احتفالاً بإدراج “نفخ الزجاج التقليدي” ضمن قائمة الصون العاجل للتراث الإنساني في اليونسكو العام الماضي بحضور وزراء الثقافة والسياحة والتعليم العالي والبحث العلمي والتربية ومحافظ دمشق، حيث رافق الاحتفالية معرض “نفخ الزجاج التقليدي” في خان أسعد باشا العظم.
وزير الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أشارت في كلمة ألقتها إلى أنَّ حرفة نفخ الزجاج يدوياً سادس عنصر من عناصر التراث السوري اللامادي المدرج على قوائم التراث الإنساني لليونيسكو، وثاني عنصر لا مادي يدرج على قائمة الصون العاجل، لافتةً إلى أنَّ جذورها تعود إلى الفينيقيين مكتشفي مادة الزجاج وقد غلَّفوا بها الأواني، وحذت حذوهم شعوب وحضارات في مشارق الأرض ومغاربها مع ظهور الحرفة فأصبحت تدخل في صناعة الحلي والأواني والتماثيل وأحياناً تزيين جدران المعابد والقصور.
وأوضحت أنَّ تسجيل المهنة في قوائم التراث الإنساني وإدراجه على قائمة الصون العاجل حدث له أهمية بالغة في الحفاظ على حرفة باتت مهدَّدة بالخطر في القطر، منوِّهةً بأنَّ عدد الورشات كان ١٤ ورشة قبل الحرب، ثمَّ انخفضت إلى ثلاث ورشات فقط في دمشق بعد تدميرها في حلب وإدلب ولاسيما في أرمناز وأغلقت ورشة التكية السليمانية بوفاة شيخ الحرفيين محمد نزار قزاز عام ٢٠١٤ فلم يتبقَّ إلا ورشتان للأخوين أحمد ومحمد الحلاق المُبديان حرصهما على الاستمرار في ممارسة الحرفة وتدريب وتأهيل جيل جديد من الحرفيين الشباب لإبقاء الحرفة حيَّة.
كما بيَّنت وزيرة الثقافة بأنَّ إدراج عنصر لا مادي على قائمة الصون العاجل يرتب التزامات ودعم ممارسة وضمان انتقاله للأجيال القادمة، والترويج له وتطويره، ولا تقع مسؤوليته على جهة واحدة، ولابدَّ من التعاون بين الجهات المعنية العامة الأهلية والخاصة في مسألة الحماية والصون وعلى أساسه ينبغي النظر في الصعوبات الجوهرية المهددة للحرفة بالزوال والبحث عن حلول غير تقليدية لها، مشيرةً إلى أن تراث بلدنا أحد مكونات الهوية الثقافية الوطنية كما أنَّه أحد محركات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعناية بصون حرفنا التقليدية وتطويرها يدخل في صلب رؤيتنا للصناعات الإبداعية.
بدوره ممثل الأمانة السورية للتنمية شادي الألشي أكَّد أنَّ حضور سورية الثقافي والفكري برز بقوة على المستوى الدولي خلال السنوات الأخيرة عبر وصول وتسجيل خمسة عناصر من التراث اللامادي في قوائم اليونسكو وكان نتيجة عمل مشترك وتعاون مثمر بين المجتمع ومؤسساته بهدف حماية الهوية الثقافية، مبيِّناً أنَّ عمل الأمانة كمؤسسة تنموية انطلقت من إحياء عدة مواقع منها: التكية السليمانية، أسواق حلب القديمة، بيتا خالد العظم واليوسف (أمير الحج) في منطقة سوق ساروجا، ومؤخراً طرطوس القديمة، إضافة إلى التحضيرات الجارية لأسواق حمص التراثية المتأثرة بشكل مباشر وغير مباشر بتداعيات الحرب للحفاظ على القيمة التراثية لها ولا تكتمل من دون نشاطها التجاري والاجتماعي.
تضمنت الاحتفالية عرض أفلام خاصة بعنصر نفخ الزجاج التقليدي، وتختصر رحلة تشاركية بين فرق وزارة الثقافة والأمانة السورية للتنمية المنفذّة على ملفات حصر وتوثيق العنصر حتى لحظة إعلانه، وتسجيله نهاية العام الماضي، إضافة إلى تقديم فريق المخايلين عرضاً لمسرح “خيال الظل” حول الزجاج المنفوخ، ثم كرَّمت وزيرة الثقافة الأخوين محمد وأحمد الحلاق.
بدورها مدير البرنامج الوطني للتراث الحي في الأمانة السورية للتنمية الدكتورة يارا معلا أوضحت أنَّ هدف الأمانة وغايتها الأسمى صون تراثنا وهويتنا الثقافية المتنوِّعة والمنظمة، لذا تعمل على التراث الثقافي المادي واللامادي ليكون أحد أهم الحوامل الشريكة لبقية القطاعات في الآلية التنموية في القطر، منوِّهةً بأنَّ العمل مع مجموعة من الشركاء يتركَّز مع المجتمعات المحلية تحت مظلة وزارة الثقافة للوصول إلى خطة صون متكاملة كي يمارسوا المهارات والمعارف والخبرات ويحصلوا على العوائد الاجتماعية والاقتصادية.
الدمشقي الأول في الحرفة الحرفي أحمد الحلاق امتهن نفخ الزجاج الموروثة من أجداده، فالدمشقي أول من عمل ومازال يمارسها منذ ستة عقود في معمل يُقدَّر عمره ١٥٠ عاماً في حي باب شرقي، لافتاً إلى أنَّه يقوم بإعادة تدوير الزجاج ولا يستعمل مواد أولية ويظهر في التشكيل والتكوين حسب مهارة الحرفي والطلب، أما الألوان فتكون ثابتة ويتمُّ فرزها كلاً على حدة، وبالنسبة للصعوبات فأهمها: عدم توفُّر الوقود بشكلٍ مستمر.