الثورة – فاتن دعبول:
على الرغم من أن كتابه “على سكة الحياة” هو باكورة أعماله، لكن الطبيب ريدان زهر الدين استطاع أن يرسم من خلاله نهج حياة، ويتوقف عبر مجموعته القصصية عند تجارب خبرها أو اطلع عليها، فقد تنوعت مجموعاته القصصية بين الواقعية تارة والغوص في النفس البشرية تارة أخرى، ليصل إلى الحكمة التي هي جدوى الكتاب، ويضع أمام أبناء جيله خلاصة تجربة ربما هي في بداياتها ولكنها غنية.
جديرون بالحياة
وقد استضاف مركز ثقافي أبو رمانة الدكتور ريدان زهر الدين للوقوف عند تجربته، فقال: رسمت الحياة سكة، وقسمتها محطات وهمية ليدخل المسافر ويمر بمختلف المحطات الحياتية شعورياً ووجدانياً، ويتقلب بين أمواج تنوعها، بين السعادة والحزن، والحياة والموت، وأيضاً بين اليأس والتأمل والحب والهوى وبين الحقيقة والباطل، حتى يلقى النعاس طريق التائه إليه وسط زمهرير الذكريات ودفء الأحلام، وتغفو الحياة هادئة، على سكة الحياة.
وبين أنه دخل في كتابه بفلسفة الحياة والسلوكيات الحياتية من باب أنثربيولوجيا الإنسان والمجتمع، وهذا ما كان واضحاً في نصوص مجموعته القصصية من مثل “كائن الإنسان، على أعتاب الحياة، الشباب”.
ليخلص في تجربته إلى أن الحياة استمرار بقاء الإنسان بروحه والوصول إلى غايته، وهذه الغاية لا يمكن الوصول إليها مصادفة، بل تحتاج المزيد من التجارب والجهد والحكمة، ويجب أن نعيش هذه الحياة لأن فيها ما هو جدير بالمقاومة.
تجارب حياتية
وتوقف الأديب أيمن الحسن عند كتاب “على سكة الحياة” وبين أنه عبارة عن مجموعة مقالات تختلف في موضوعاتها الأدبية، لكنها تجتمع في الحكمة وإبداء الرأي الصائب في الكثير من الأحيان، ويتضح ذلك في مقالته “حبري مهجة وقلمي من قدر” فقد عبر من خلالها عن مشاعره، لأن الكتابة هي صقل لما عصف بنا من أحداث ومشاعر أتعبت الفؤاد وأشغلت الخاطر.
وأوضح أن الكاتب يلخص رؤيته لمفهوم الكتابة، فالحبر ليس حبراً عادياً، بل هو مشاعر أتعبت صاحبها وأشغلت خاطره، فأراد أن يرتاح منها لذلك نزفها على الورق، معبراً بقوله” يشق القلم صخر الورق”.
وتمنى الحسن على الكاتب أن ينحو باتجاه كتابة القصة والرواية لما يمتلكه من قدرة على السرد تؤهله لدخول هذا العالم الواسع، والبداية هي طريق الانطلاق، والاجتهاد أولى أسس النجاح، وبانتظار الأجمل والأكثر نضوجاً.
فلسفته في الحياة
وبدوره بين الروائي محمد الحفري أن غلاف الكتاب يشي بمضمونه، فصورة الغلاف عبارة عن سكة قطار تحيط بها الأشجار من الجانبين وقد نبت العشب بين حديدها، ما يدل على هجرانها وإهمالها، وقد تعني نهايتنا وضياعنا في تلك السكة بعد أن نقطعها.
ويضيف: إن الكاتب في نصوصه يعرّف الحياة والعم والأيام والأم، ويغوص عميقاً مع الإنسان وتطلعاته ورؤاه، ليقدم فلسفته ونظرته لكل ما يحيط به “الحياة عبارة عن مشاعر تطغى على اللحظة، فنعيشها فرحاً أو حزناً، أو أنها تعبر عبور الكرام”.
والكاتب يقر أن الأدب بحر وبئر لا قرار لها، ومن يراجع نصوصه يدرك أهمية مضامينها ومقولاتها، وهو في ذلك يطرق أكثر من جنس أدبي، ربما لأنه أراد لمنتجه أن يبقى مفتوحاً وبعيداً عن التأطير الشكلي، لكن الميزة الأهم لديه هي الكثافة، فقد حافظ الكاتب عليها كدلالة جمالية لا يستغني عنها.
وفي عودة لعناوينه في الكتاب نجد أن جميعها تصب في العنوان “على سكة الحياة” من مثل أهداب في ثوب الحياة، شذرات بقلم الحياة، قنديل الحياة، مشتل الذكريات، حياة على قيد الأمل.
وقد جمع في نصه الأخير “من مأثور الأدب” أقوالاً لمشاهير خلدهم التاريخ وتصب جميعها في السياق نفسه، ومن مشتل الذكريات نقتطف” إن الذكرى تنتمي دوماً للماضي حتى لو قبل دقائق، لكنها ترافقنا للحاضر، وتهرول قبلنا للمستقبل، نلقاها في وجوه العابرين، في موقف مماثل، في أصوات الأغاني في الطرقات العتيقة”.
العائلة.. العون والسند
واختتمت الندوة بكلمات من أسرة الكاتب، فقد بين والده المستشار ربيع زهر الدين عن سيرة ولده ريدان التي تميزت بالالتزام والخلق الحسن والتفوق، ما يؤكد دور العائلة التي تشكل العون والسند لأبنائها.
وقدم الحضور مداخلات أغنت الندوة وسلطت الضوء على العديد من الطروحات التي قدمها الكاتب في مجموعته القصصية الأولى “على سكة الحياة”.