الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
من البديهي أن هاتفي لغته الرئيسة اللغة العربية، ولكني لم أتوقع يوماً أنها ستكون مشكلة، تربكني حين أكون خارج سورية.
في إحدى المرات التي كنت في إحدى البلاد العربية، كنت أعطي رقم هاتفي لإحدى الفتيات ولكنها فاجأتني أنها لا تعرف الأرقام العربية حين أدرت لها هاتفي كي تنقل رقمي.
واستمر الأمر مع شباب آخرين، فخرهم يأتي من دراستهم في مدارس أجنبية يدفعون لها أقساطاً باهظة كي يكون تعلميهم باللغة الإنكليزية.
إذاً الأمر لا يمكن اعتباره إهمالاً للغة العربية، أو قصوراً تعليمياً بل رغبة واعية من الأهل الذين يدركون ماذا يفعلون بل ويفاخرون بتعليم أطفالهم الغربي، وكأن كل أبواب المعرفة العالمية فتحت لهم، وإن لم يفعلوا سيبقى أولادهم محدودي الفائدة والعلم، بل وحتى ستكون فرصهم في دخول الحياة العملية قليلة، ألا تعتبر هذه القناعة هي إحدى أهم إشكاليات الابتعاد عن اللغة العربية …؟
رغم أهمية لغتنا العربية ومكانتها العالمية باعتبارها تحتل المركز الخامس عالمياً، إلا أن المشكلة على ما يبدو ليست في اللغة بل في واقع عالمنا العربي، خاصة مع الأزمات التي أحاطت به مؤخراً، فأثرت على استقراره وانعكس الأمرعلى تفكير جيل كامل.
نقلت إليه بشكل غير مباشر مخاوف الأهل، منذ الصغر، لنعيش كلّ هذا الابتعاد عن لغتنا الأم رغم جماليتها وقوتها وأهميتها.
كلّ الخشية أن نرى يوماً أجيالنا العربية لا تتقن لغتها بما يليق بحضورها الأزلي، فأجيالنا التي باتت ترى في هواتفها المحمولة كل أوهام العالم، تحتاج إلى إقناع يتعدى المحاضرات والندوات، وكل تلك التي اعتدنا على فعلها، لأنها لم تعط النتيجة التي نريدها.
ربما علينا الاتجاه إلى حواضن اللغة وحواملها المجتمعية وامتداداتها الثقافية والفكرية وحتى الاقتصادية كي تتمكن أجيالنا من اعتمادها كأولوية.
العدد 1177 – 6 -2 -2024