الثورة – رانيا حكمت صقر:
المايسترو بالمعنى الحرفي للكلمة هو السيد أو المعلم، فهو الذي يقود الفرقة عن طريق الإشارات، وبالتالي يجب أن يمتلك روحاً قيادية وحساً موسيقياً عالياً لينقل رؤيته الفنية وتفسيره للمقطوعة للعازفين، وقادر على ضبط أداء الفرقة ككل وأوقات البدء والانتهاء، بالإضافة إلى التحويلات المقامية للمقطوعات وتوحيد الديناميكية بين الأصوات، فيجب على المايسترو أن يكون قادراً على سماع كل الأصوات الصادرة من آلات الفرقة والتنسيق بينها لإخراج الكتلة الصوتية المناسبة للعمل الموسيقي المقدم.. أما العازف فعليه الحفظ الجيد لدوره والحرص على سلامة الآلة من حيث الدوزان والالتزام بتعليمات المايسترو.
هذا ما أكدته مايسترو فرقة أعواد رهف توفيق السليمان، التي اعتبرت أن الفرقة قدمت مقطوعات موسيقية موزعة هارمونياً لعدة أصوات.. وبالتالي فإن روح الفرقة تعتمد على العمل الجماعي والتآلف بين جميع أعضاء الفرقة والالتزام كل شخص بدوره، فليس من الضروري في هذه الفرق إبراز المهارة العالية للعازف بل التعاون بين الأفراد لإخراج العمل بالشكل الأمثل.
أما عن فرقة أعواد بين الأمس والحاضر، كما هو معروف عن آلة العود هي الآلة الأكثر شعبية وانتشاراً في مجتمعنا العربي عامة والسوري خاصة، كونها آلة تلامس الروح وتفي بأغراض الأغاني الشعبية والتراثية وقادرة على أداء جميع الأنماط الموسيقية سواء أكانت كلاسيكية أم عربية، والسبب الأهم حالياً هو كونها آلة مازالت مقبولة الثمن بالمقارنة مع باقي الآلات كونها تصنع محلياً، وتمتلك سورية أمهر الصناع وأفضل الآلات.
وانطلاقاً من خصوصية هذه الآلة وكثرة تواجدها في البيت السوري نجد أن صف آلة العود في كلية التربية الموسيقية يرفد دائماً كل عام بالعدد الأكبر من الطلاب المتمرنين على الآلة، وبالتالي فإن صف العود يمتلك بشكل مستمر نواة جيدة لفرقة الأعواد من الطلاب والخريجين المتميزين على الآلة.
فالفرقة مستمرة منذ أعوام وقدمت عدة مشاركات ناجحة، لكن اختلفت مستويات العازفين بين الماضي والحاضر كون المتمرن يخضع لعدة ظروف تعوق الأداء الأمثل وأهمها الظروف المادية من حيث عدم قدرته على الالتزام بكل البروفات أو الحصول على آلة ممتازة، فقلة الدعم المادي والمعنوي يعوق تقديم نشاطات مستمرة والمشاركات بالمهرجانات المحلية والعربية.
من جهة أخرى ترى السليمان أهمية الموسيقا ومدى حاجتنا لها ليبقى الأمل موجود في حياتنا اليومية للموسيقا، مبينة أهمية القدرة العظيمة على الابتعاد بالعقل عن الإجهاد فهي تضاعف الشعور بالتفاؤل والإيجابية وتساعد على تحسين المزاج وتخفيف آثار الضغط والتوتر.. وحتى نبدأ بمرحلة العلاج والتعافي يجب أن نتوجه إلى الأطفال بالموسيقا ونكون جيلاً قادراً على التذوق الموسيقي الصحيح واختيار الموسيقا التي تسمو بالروح وتنشط المهارات عند أطفالنا والتعبير عن الأفكار بالألحان والغناء.
فنحن نملك جيلاً قادراً على التعافي والتقدم بخطا ثابتة نحو المستقبل لو أخذنا بيده ووجهناه الوجهة الصحيحة في ظل موجات الفن الهابط المحيطة به، فعلينا التعاون لتنمية ثقافة الطفل الموسيقية واكتشاف المواهب وتنميتها فربما نستطيع الشفاء من آثار الدمار النفسي والحرب والدم الذي نعيشه يومياً، فكما يقول المثل الغجري (ابق حيث الموسيقا والغناء.. فالأشرار لا يغنون).
وفي الختام أوضحت المايسترو السليمان أن للمرأة لمسه خاصة بعالم الموسيقا يميزها عن الرجل، وإن قيادة الأوركسترا بالمبدأ العام لها أصول لا تختلف بين الرجل والمرأة فالمايسترو كما المخرج السنيمائي عليه أن يمر على كل زاوية من زوايا العمل الفني ويحترم رؤية المؤلف ويضفي لمسته الفنية.
لدينا العديد من الأمثلة عن قائدات أوركسترا أبدعن في عملهن مثل البلجيكية فريدريك بيتريديس والمصرية إيمان جنيدي وروسيلا عادل وغيرهن الكثيرات، فهن قدمن رسالات متعددة في تسليط الضوء على أنشطة الموسيقيات وألهمن النساء على خوض مجال التأليف الموسيقي لكل الطبيعة الأنثوية من وجهة نظري هي أكثر إحساساً بتفاصيل الألحان وملامستها للوجدان فمن رأيي النساء أكثر تقيداً بمقولة أفلاطون (الموسيقا تعطي روحاً لقلوبنا وأجنحة للفكر).
يذكر أن رهف توفيق السليمان خريجة تربية موسيقية من جامعة البعث اختصاص (عود-بيانو) وهي عضو هيئة تعليمية في كلية التربية الموسيقية، كما شغلت رئيس قسم الصولفيج في معهد عبد الكريم للموسيقا ٢٠١٨، وعملت على تدريس آلة العود والصولفيج للأطفال في المعهد، وإلى جانب تأسيسها لفرقة أعواد أيضاً أسست فرقة التخت النسائي وكان لها عدة مشاركات في فعاليات ومهرجانات ثقافية كان آخرها في ملتقى أورنينا الثقافي عام ٢٠٢٣.