أسر لصديقه على مقعد الدراسة بإقلاعه عن التدخين وهو في الرابعة عشرة من عمره، ورغم إيجابية هذه الخطوة السلوكية الصحية إلا أنه يجول في البال سؤال يحمل كل تحسر وتوجع.. متى تملكته هذه العادة وما هي قصته مع لفافة التبغ وأين الأهل والمدرسة من الرقابة الدائبة والتوجيه المستمر؟
ولعل اللافت اليوم هو اتساع ظاهرة التدخين عند شريحة الأطفال لتشمل طلاب مدارس ابتدؤوا تلك العادة السيئة بتهادي لفافات التبغ ظناً منهم أن التدخين مظهر من مظاهر الرجولة، وهو بالواقع من أسوأ العادات وأشدّ خطراً وأكثر سلبية، عندما تبتلي به الطفولة والناشئة الذين هم الأمل وعماد المستقبل المشرق.
أما أضرار التدخين بجوانبه المختلفة فلم تعد خافية على أحد، ولا أعتقد أن تقليص هذه الظاهرة يكون بمحاضرات تهديدية وتحذيرية من الأهل، أو كما تقوم بعض الإدارات المدرسية بحملات تفتيشية للحقائب المدرسية، للقبض على الطالب المدخن بالجرم المشهود وإبلاغ أهله ليتلقى عقابه مرتين، وهكذا تصرف ينتج عنه ردة فعل عكسية أي تعلق أكثر بالسيجارة حسب تأكيد خبراء التربية.
التدخين مشكلة اجتماعية وأسرية واقتصادية، الوقاية منها خير من العلاج وأقل تكلفة وضرراً وهنا يبرز دور الأسرة حيث يقتدي الأبناء بالآباء، وهذا يستدعي استثمار الوسائل المتاحة كلها ومنها الإذاعة المدرسية للإعلان عن آخر تقارير منظمة الصحة العالمية من إحصائيات وبيانات فيما يخصّ ضحايا التدخين (الوفيات ) وهي أرقام صادمة تتجاوز الملايين على مستوى العالم، وربما تكون رادعة لمن يفكر أن يجرب هذا السمّ الزعاف الذي لايقتل الإنسان ولكن يدمره شيئاً فشيئاً.