الثورة – ديب علي حسن:
حين تم الإعلان عن تأسيس الفيسبوك قال مؤسسه: الآن تعادل العالِم والجاهل.. ومن قبله قال مخترع المسدس: الآن تساوى الجبان والبطل.
وليت الأمر يقف عند هذا الحد مع الفورة التي وصلت حد الاستلاب الإلكتروني الذي جعلنا أسرى هذا العالم الافتراضي بكل شيء.
ذاكرتنا غبارية لأن ملاذها عالم أزرق مفتاحه ليس لدينا، بل عند الآخر الذي يمكنه بكبسة زر أن يمحو كل شيء.
وفي السنوات التي مرت على تأسيس مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من القصص والقضايا.
نقف عند ما حصل من يومين إذ توقفت بعض خدمات الفيسبوك، ولم يستطع الكثير من المتابعين الدخول إلى حساباتهم، ما أثار هلع البعض وكانت ردود الفعل كبيرة تدل على مدى الانغماس الذي وصلنا إليه.
استنفار واستفسارات وتعليقات واتصالات بين الجميع.. هل تم تهكير صفحتك كما صفحتي..؟
هل تعطل الفيسبوك عندك.. ماذا فعلت.. وما في القائمة من تعليقات كثيرة.
أبدى الجميع ما لا يمكن أن يظهر أمام أي حدث آخر.. كيف يمكن لنا أن نفسر الأمر؟
هل هو رغبتنا في الهروب من الواقع إلى عالم آخر تصنعه من خيال ونتشارك فيه؟
هل هو حبنا للظهور بما ليس فينا استعراض فكلنا في هذا العالم الافتراضي أخلاقيون عباقرة ومبدعون..؟
الجلطة الزرقاء التي أصابت مواقع التواصل كأنها كانت جلطة في شرايين الجسد والعقل.. لا بد من تفسيرها وتحليلها نفسياً واجتماعياً، وهذا يتطلب الوقوف وراء الكثير من أسباب استخدامنا لمواقع التواصل.
وفي المقلب الآخر ثمة من لم يشعر بهذه الجلطة الزرقاء ولم يسمع بها إلا بعد أن حدثت وانتهت لأنه مشغول بغير هذا العالم الافتراضي.
أليس من المنطق أن نخفف غلواء انشغالنا بهذه المواقع، وأن نعود إلى حياتنا العادية نعيشها بكل ما فيها.
لقد تحولنا إلى كائنات مستلبة تدار عن بعد ترتجف خوفاً حين تتوقف شرايين الاستلاب الذي حولنا إلى سلع رقمية تباع وتشترى ونحن بقمة زهونا نعيش النخاسة الزرقاء.

التالي