الإنجاز الذي حققته المقاومة الفلسطينية في السابع من إكتوبر ودافعت عنه ومازالت وعززته بعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى الأبطال هذا الإنجاز الذي وضع في المحفظة التاريخية للصراع العربي الإسرائيلي كنقطة مضيئة وسوداء في حسابات العدو الصهيوني هذا الإنجاز العظيم كشف عن الأبعاد الاستراتيجية لذلك الصراع، والمتمثلة في أبعاده الأربعة البعد الوطني الفلسطيني وهو بعد أصيل فيه والبعد القومي للصراع، حيث أثبتت معركة طوفان الأقصى عن هذه الحقيقة المتمثلة في الحراك الممتد من المغرب العربي إلى الخليج العربي في وحدة وجدانية غير مسبوقة، وعلى التوازي برز البعد الإسلامي في هذا الصراع المركب والمكثف لجهة الموقع الروحي لفلسطين في ضمير أبناء الأمة الإسلامية والدعم غير المحدود الذي لقيته المقاومة الفلسطينية من الشعوب الإسلامية وبعض دولها، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية كما برز البعد الإنساني والعالمي للصراع بوصفه حركة تحرر وطني، ولعل في مواقف جنوب إفريقيا ودول أميركا اللاتينية المثال الحي على ذلك إضافة لما شهدته عواصم أوروبية غربية كثيرة من مظاهرات واحتجاجات عارمة دعماً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتنديداً بالكيان الصهيوني الإجرامي وحماته، حيث تعرى أمام الرأي العام العالمي من خلال إجرامه، وما ارتكبه من حرب إبادة جماعية تجاه الشعب الفلسطيني المدافع عن حقوقه المشروعة.
إن الخطاب الفلسطيني الذي يحتاج من وجهة نظرنا إلى مراجعة حقيقية وخطاب جديد يؤكد على الأبعاد الاستراتيجية في الصراع بعناصرها الأربعة الوطني الفلسطيني والقومي العربي والإسلامي والإنساني بوصفها حركة تحرر وطني.
إن تحولاً كبيراً قد حدث في المواقف العربية والدولية من القضية الفلسطينية بعد معركة طوفان الأقصى، ومن المهم هنا استثمار هذه اللحظة التاريخية والتي قد لا تتكرر من هنا تأتي أهمية أن لا تختصر مسألة الصراع في بعده السياسي والتفاوضي بل لابد من صياغة بنية سياسية فلسطينية تتمثل فيها كل الفصائل والقوى المقاومة في الساحة الفلسطينية، وليس فقط تغيير الحكومة ما يعطي قوة وزخماً لهذه البنية الجديدة بقاعدتها الواسعة في الداخل الفلسطيني أولاً وفي الشتات إضافة للقوى الداعمة لها في الأبعاد الثلاثة التي أشرنا إليها القومي والإسلامي والدولي الإنساني ما يحدث تغييراً حقيقياً في موازين القوى لصالح قضية الشعب الفلسطيني، ولا يصب في مصلحة العدو الصهيوني الذي لم يكن في يوم من الأيام في هذه الصورة المهزومة والمعزولة دولياً.
إن تحويل الإنجاز والانتصار الذي تحقق في السابع من إكتوبر وما أعقبه من صمود إسطوري للمقاومة الفلسطينية وداعمها محور المقاومة إلى انتصار سياسي يتمثل في إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة معرفة الحدود وعاصمتها القدس وليس الاعتراف الشكلي كما يجري عنه الحديث في هذه الآونة هو الخطوة الثانية واليوم الثاني الذي يتحدثون عنه فهو يوم يحدده من دفع فاتورة الدم لا القاتل والمجرم وحلفاؤه.