يقف أحدنا أمام تساؤلات لا تنتهي، يسعى للقبض على تفاصيلها، فينجح حيناً، ويخفق أحايين كثيرة،
ولعل واحداً من أكثر تلك التساؤلات يتركز في البحث عن فقدان الفرح والسعادة، أو أجزاء قصيرة من الراحة والاستمتاع بالحياة، فيبحث في المحيط وفي داخل النفس، عله يمسك جواباً يريح النفس المتعبة دون الوصول إلى يقين.
فيعيد المحاولة مرات ومرات، ويتكرر السؤال تلو الآخر والإجابة تتردد صدى غير مفهوم في متاهات المتناقضات.!
لعلنا في سورية أكثر البشر تساؤلاً في أيامنا الراهنة، وإن كان الأمر ينسحب على معظم البشر في العالم، إلا أننا كسوريين نتحمل أوزار التاريخ البشري وتناقضاته المتراكمة والمتضادة في قدر مفروض لا مناص منه وكأننا منذورون للفداء المستمر لتنعم البشرية بالسعادة والفرح، فهل لنا أن نعرف من يسرق فرحنا، ونحن نعمل ونجهد لتقديمه للإنسان أينما كان؟
لقد كانت سنوات الحرب الماضية اختباراً بالحديد والنار لقدرة السوري على الثبات واختلاق أشكال الحياة، وكانت البرهان والدليل على أننا القربان الذاتي الذي لا يعرف إلا التضحيات والصبر والاحتمال، وهو ينتظر الفرح الذي يراه في الناحية الأخرى يتمتع به المعتدون، وهم ينشرون القتل والتدمير والأحزان في ساحتنا، فنتقبلها بجهود التغيير وتحويلها إلى فرح منشود، ننشر تفاصيله في بسمات الأطفال وأغنيات العذارى وحتى بكاء الأمهات على فقد أبنائهن وهم في ريعان العمر، وبعدها ما زلنا نتساءل: من يسرق فرحنا ؟ ويوزع علينا بطاقات الموت والعذاب ؟
تحضرنا صور أجدادنا وهم يمضون إلى معارك العزة والفخار مهللين للنيران المقابلة، مستقبلين سهامها بصدور مفتوحة، آملين أن تكون تلك التضحيات مقدمة لفرح يزرعونه في حدائق منازلهم التي تركوا أطفالهم بهم ليقطفوا منها زهرات الأقحوان وشقائق النعمان، لتكون النتيجة مماثلة لأعمار تلك الزهور الجميلة، ذات العمر القصير وتلقائية النماء في البراري وما بين الصخور وسط النباتات المختلفة، فهي ما إن تزهر وتحلو ما تلبث أن تحترق وتذبل قبل انقضاء فترة الربيع دون أن تنسى نثر بذور استمرارها في الفضاء الرحب، فهل نمسك ببعض من الإجابة أمام هذه الحالة من الإصرار التي تنام وتغفو مدة قصيرة، لكنها لا تموت أبداً، فتبعث نفسها قوية متجددة كل موسم دون انقطاع!؟

السابق