الثورة – رويدة سليمان:
حكايات مختلفة من الوجع والقهر والحب والحنان نقرؤه في وجه هناء، وقد غادرت الأحلام صفحات سعادتها بعد وفاة والديها، ووجدت نفسها أمام تحد كبير، تسلحت بإرادة من حديد وعزيمة من فولاذ لتكون الأب والأم، المسؤول والراعي لإخوتها والمدبر لأمرهم ولشؤونهم، سارت مراكب العمر تتقاذفها أمواج السنين في خط رسمه قدرها، ليفوتها قطار الزواج وتفتقد نعمة الأمومة، ولكن رصيدها يطمئنها على نفسها لأن أخواتها وأولادهم أشبعوا إحساسها بالأمومة.
تقول هناء.. رب أم لم تلد، نعم لا أشعر أنني لم أنجب فأنا خضت هذه التجربة مع إخوتي ومن ثم مع أبنائهم الذين هم أحفادي ويبادلونني اليوم مشاعر الحب والامتنان والشكر والبر، ولا يترددون وآباؤهم بأخذ مشورتي ونصيحتي في شؤونهم كلها ويسألوني حاجتي والاطمئنان على صحتي، وبالنسبة لي أجمل أيام حياتي هو عيد الأم حيث يجتمعون آباء وأحفادا للاحتفاء بي.
يؤكد الباحثون التربويون أن المرأة التي تنجب هي والدة وليست كل والدة أماً، فالوالدة مشتقة من الولادة أما الأم تعني مسؤوليات بعيدة المدى عميقة الأثر ، فالأمومة حالة لاتقوم على أثر بيولوجي فقط بل هي مجموعة مهام من الرعاية والاهتمام والعناية والمسؤولية وبهذا المفهوم نرى أن هناك أمهات يلدن من رحمهن وآخريات من أرواحهن وقلوبهن.
إلى أم الشهيد.. إلى الأم التي مازالت تترقب عودة ابنها الغائب رغم طول الغياب.. إلى هناء ومثيلاتها كثر ..إلى أختي رانيا زوجة الشهيد والتي فقدت طفلها وحيدها في كارثة الزلازل، إلى أمي .. كل عام وأنتن نبض الحياة.