الثورة _ لميس علي:
عملٌ يكون فيه البطل ملاكماً ونشهد فيه نزالات، سيذكّرنا بالملاكم الأشهر عالمياً (محمد علي كلاي).. ليس من حيث إجادة اللعبة الرياضية كما (كلاي)، بل من حيث إجادة الأداء التمثيلي.. مقاربة ظريفة تخطر للمتابع بعد مشاهدة الحلقة الرابعة من مسلسل “تاج”.. وغالباً هي الحلقة الأبرز إلى الآن، التي احتوت على المفاجآت التي ينتظرها جمهور النجم “تيم حسن”.
لا يعني ذلك الرغبة المطلقة بمتابعة مَشاهد القتال على حلبة الملاكمة فقط، داخلها أو خارجها، لكنها جزئية مهمة في إظهار شخصية البطل الملاكم.. والحلقة الرابعة أحسنت القيام بذلك دون غيرها من الحلقات.
مع اقتراب العمل من الوصول إلى نصفه، يبدو أن تلك المقاربة بدأت تنزاح عن سكّة تحققها فيما يخصّ التأكيد على حالة البطل الملاكم باتجاه غوص الشخصية بتفاصيل أخرى.
ذلك لا يمنع كون عمل “تاج” من أفضل أعمال موسم 2024.. وأيضاً لا يشكك بقدرات بطله ولا بمجهودٍ ملحوظ بذله ليطبع الشخصية ببصمته الفارقة والمميزة.. ابتداءً من سيماء البطل الملاكم الذي اجتهد بإظهارها، أكان عبر طريقة المشي، حركة الكتفين والساقين، إلى كامل حركاته على الحلبة.. وغيرها من تفاصيل أحكم القبض عليها.. إذاً لماذا التساؤل عن كونه (كلاي) بطولات دراما هذا الموسم..؟
أولاً.. لأن العمل لم ينتهِ بعد..
وثانياً.. لأن مقارنة شخصية “تاج” مع غيرها من شخصيات أدّاها “حسن” تبقى ملازمة لمن يتابعه.. وآخرها كانت شخصية عاصي الزند، الشخصية التي حقّقت مع كامل العمل نجاحاً أكثر من مميز العام الماضي.
هكذا.. وعفو الخاطر.. نجد أنفسنا بمقارنة ما بين البطلين.. ولربما وجد “حسن” نفسه بمقارنة ما بين الشخصيتين..
ولأجل كلّ ذلك يذهب البطل، والعمل بأكمله، نحو جزئيات وتفاصيل لا تتماهى مع حالة “الملاكمة” إلى الأقصى.. لكن تبقيها قاعدتها الأساسية التي تبني عليها مختلف تشعبات الحكاية.. فلا مبالغات.. ولا انجرار وراء حالة التأطير ضمن هالة البطل الملحمي.. ويبدو في هذا شيء من التحدي أمام “حسن”.. إذ يقنعك بهيئة وسيماء الرياضي “الملاكم”.. ثم ينهض منها نحو استكمال بقية صفات شخصية “تاج” الجامعة للكثير من الأوجه والهيئات وفق متطلبات الظرف الذي يجد نفسه فيه.
ولهذا ينزاح تشبيهه بـ(كلاي)، نحو الأداء عموماً.. وليس لشخصية الملاكم تحديداً، مع أنها الركيزة المحورية للتذكير بالبطل العالمي.
ثمة الكثير من نقاط القوة تجتمع في عمل “تاج”، تدعم بطله.. ليصبح عملاً متكاملاً.. ابتداءً من الصورة التي يعتمدها المخرج سامر البرقاوي تذكيراً بما كانت عليه دمشق أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.. كمتفرج لن تكون بعيداً عن احتمال الوقوع في غرام الحالة البصرية التي تبتكرها عين البرقاوي لمدينة دمشق.. بالإضافة إلى تكريس نوع بطولة داعمة للبطل المحوري.. أو أدوار “سنّيدة”، من هؤلاء يبرز كفاح الخوص في دور سليم، إيهاب شعبان في دور زكريا، دون نسيان الحضور اللافت لباسل حيدر بشخصية شكري القواتلي لاسيما في الحلقة (11) مشهد لقائه الكولونيل “جول” بأداء يُحسب له.. ونورا رحال بحضور متوازن لا مبالغة فيه.. والمفاجأة كانت بتلقائية وطبيعية حضور فايا يونان بتجربتها التمثيلية الأولى.