ثورة أون لاين :
يتناول الباحث الدكتور فضل ناصر مكوع في كتابه “أثر المتنبي في شعر اليمن الحديث” عبر دراسة أكاديمية الجمع بين عالم المتنبي الشاعر الذي مضى على مقتله قرون عديدة وما زال كما كان مالئ الدنيا وشاغل الناس وعالم الشعر اليمني الحديث بما فيه من غنى ثقافي وأدبي.
ويبين الدكتور مكوع في كتابه الصادر عن دار رسلان للطباعة والنشر والتوزيع والذي يقع في 138 صفحة من القطع الكبير أن التركيز على المتنبي جاء لأنه يعد الأنموذج الصالح لتمثيل خصائص الشعر العربي قديمه وحديثه في قدرته على التخيل ومهاراته وابتكاره للمعاني واختراعه الصور الفنية وقدرته على الإبداع في إبراز المعاني.
كما يرى صاحب الكتاب أن المتنبي هو الشاعر الأقرب إلى التمثيل العام لعبقرية الشعر العربي الذي يقدم لنا إلى جانب شاعريته الفذة مادة ثمينة للتفكير والتأمل ويعرض علينا نظرات صائبة في الحياة وخواطر عن الإنسان جديرة بالنظر والاعتبار ليحلق في الآفاق ويصبح شاعر الإنسانية.
وفي الكتاب يحاول المؤلف أن يربط بين شعر المتنبي الذي ذاع صيته ليتبوأ إمارة الشعر العربي وبين شعر اليمن الحديث.
ولفت مكوع إلى أن اليمن أنبتت نجوماً في سماء الشعر وبطولات في دنيا القلم والنضال معاً ولم تنبت شعراً عادياً وإنما شعر تعطره البطولة من أجل الحرية والعروبة حيث أنجبت اليمن في عصرها الحديث صفوة من الشعراء الذين أسهموا إسهاماً فعالاً في دفع عجلة التطور الأدبي والانطلاقة الشعرية الصاعدة في الوطن العربي.
وبحسب مكوع سجل الشعراء اليمنيون في مختلف مراحل النضال أروع صور البطولة والتضحية والفداء حاملين في كلماتهم الشعرية وقصائدهم مضامين تراثية مهمة وفاعلة من تراث المتنبي.
ويوضح مكوع أنه اعتمد في دراسته على المنهج الوصفي في رصد تراث المتنبي وتقصيه وتحليل بعض معطيات هذا التراث معتمداً على فاعلية مضامينه وتحليل ما هو مناسب من قصائده حيث قسم كتابه إلى أربعة فصول.
ويتناول الفصل الأول في كتاب مكوع توظيف أبيات المتنبي وتحوير معانيها معتمداً على نماذج من شعراء اليمن مثل السقاف والحامد والزبيري والحضراني والبردوني وعبد الرحمن فخري والمقالح وكرمان محمد ومحمد منصور وغيرهم.
في حين ركز الفصل الثاني على المعارضات الشعرية وتداخل النصوص حيث دلل على ذلك بنماذج شعرية مهمة عارض فيها بعض شعراء اليمن المتنبي في قصائدهم مثل الزبيري والهمداني وغيرهم.
وخصص الفصل الثالث للغربة فإذا كان للبعاد والغربة أثرها في شعر المتنبي فإن ما تجرعه من جراء الغربة لم يتجرعه أحد من الشعراء ولا شك في أن هذه الغربة بكل معانيها ودلالاتها قد أثرت في شعراء اليمن وكانت الملاذ الآمن لكثير منهم في مراحل النضال التي عاشوها كافة.
أما الفصل الرابع فبين فيه الكاتب شخصية المتنبي وتقمصها من عدد من شعراء اليمن إلا أن البردوني أخذ نصيباً مهماً ولا سيما في قصيدته وردة من دم المتنبي لما تضمنته من رؤى وأفكار من حياة المتنبي وأحداثها ولما اعتمدت عليه من الحوار والتفاعل فضلاً على المعاني والمضامين والدلالات ما يجعلها على ذلك القدر من التوظيف الفني.
ويرى المكوع أن شعراء اليمن عمدوا إلى التأثر بالمتنبي شكلاً ومضموناً لأنه يعد عاملاً رئيساً ومقوماً من مقومات أمتنا العربية الإسلامية.
سانا