الملحق الثقافي- نبوغ محمد أسعد:
في مجموعة الشاعر وليد حسين من ذاكرة الصمت تمسك بالأصالة والعراقة ونبل الأخلاق، وهذا دليل تمكنه من موهبة الشعر التي عكس من خلالها أفراحه وأحلامه وأحزانه فهي تعيدنا كما جاء في مقدمة الكتاب للدكتور محمد الحوراني.. إلى معلقات الشعر العربي التي كتبت في العصور القديمة ومافيها بحسب الدكتور الحوراني من فكر وثقافة.. لقد تمكن الشاعر وليد حسين من نقلنا إلى الأجواء وهو يخوض في تمنياته، ويعطي التمرد وصفاً لم يسبقه إليه أحد مستشهداً بقوله: وأشجب كل صوت ماعداها على أن التمرد بعض خمر، وقوله أيضاً: فما ليل الصبابة رق نفسا إذا لم يرتشف من ريق ثغري أرى الأيام تمخر في غياب كزلزال يروع ببيت فقري وفي المجموعة الشعرية نجد أن الشاعر ينتمي إلى محيطه وعالمه ووطنه الذي يئن بصمت ويعاني بكبرياء.. صرخات الوجع المكتوم والصامت على خيبات ومؤامرات انتابها الظلم والمرارة، ليصل في النتيجة إلى رؤية شفافة وصادقة تقضي بوصول الوطن إلى مايحلم به ناسه، هذا الوطن الذي تتحرك المشاعر في النصوص لتدعوا إلى الصراخ والمواجهة فالشاعر عندما يكون لاعباً ماهراً يتحرك بأحداث شعره عن معرفة ووعي ودراية لأنه يدرك ماذا يجب أن يكون وتأخذه ثقافته ومعرفته إلى صياغة نصوصه بتقنية وفنية، وإدراك، المنجز الذي أمامنا.. يشعرنا بالهم والحزن والألم.. فلابد من الوجع والغضب على عدو عبث بجمالياتنا وجرح قلوبنا وجعلنا في وحشة الاغتراب، يقول في قصيدته لواعج مترامية: ولي مع الصبر درب ضج محتدما لكي أصارع وهما من رؤى سعة ألست رهنا إلى أمر يكبلني مازال ينأى شرودا دون بوصلة وسار كالموج مشدودا إلى جهة ومااستكن بلا استحضار أمكنتي . ولما حملته قصائد المجموعة من الإيحاءات والرموز والصور تباينت القصائد والأماكن والشخصيات بعد مرورها على خياله فكانت مؤثرة توثق ارتباطه بوطنه وجذوره ومايحمله من محبة للإنسانية التي يبشرها بالأمل ويعدها بتحقيق الحلم ويشدها إلى رفض الانكسار والظلم والإهانة والقبح ثم يحلق في الفضاءات الشعورية والخيالية الواسعة ليكون الجمال وينشده فيقول: فكم أناشد مهما جز من خجل سحابة الصيف من أفياء مرتهن إني مقيم وحسبي بعض شاهقة حطت مناكب وعي في ربا السنن الآن أدرك أنني خير محترز ذاق الجفاء توارى عنه لم يهن، وفي احتراف شعري وإبداعي جاء بقصائده الموزونة من دون أن يقع أي خلل أو سلوك غير متوازن باستخدام تفعيلات قبيحة فحقق للقصيدة وثوبها الذي يجمع بين الأصالة وتطلعات الحاضر، فجاءت جماليات وانعكاسات مدهشة كماجاء في قصيدة ( العابرون إلى ضفاف) التي اقتطفت منها: العابرون إلى ضفاف جمة وبها انثيال مثل ريقك يغرق يتذوقون من القصائد كلها مابين قافية بركبك تشهق وتشيد من خيط انتشائك سكرة بكؤوس خمر بالحفاوة تطبق، وكلما سرنا في ممرات المجموعة الثرة يشع في وجهنا نور آخر لمواضيع ومضامين عديدة فنجد أن الشاعر يسكنه الوطن ويؤرقه الاغتراب وبرغم كل ما يحيط به فهو لايبخث المرأة حقها وتأتي في نصوصه بحالات مختلفة وفي بعضها يعاتبها لقسوة الاغتراب ومافعلته الأيام فيقول: كم كان ينقصني الوداد وليتني أبحرت متخذا سبيل غرابة يا أنت ياكل النساء تفتحت روضاً أتته الريح يوم وفادة، ماكان أحوجني للحظة عابر حتى انحنيت إلى شواطئ غاية مازلت وهجاً يستكين بحيرة وكم اصطلى حزناً بغير قناعة وفي هذه المجموعة ثمة موضوعات أخرى تواصل فيها قدرة الشاعر على إثبات وجودها خلال المواقف والحالات المتنوعة التي سلطت الضوء على حالات اجتماعية كثيرة مثل الرثاء والثأر والخداع وغيرها فهي تجارب مرت على وجدان الشاعر، ولاسيما التي رصدت عواطفه بكل أشكالها فوصل بها إلى تقديم الواقع بألوانه والمقارنة بين الماضي والحاضر برغبة كبيرة في تبديد الظلام وفي قصيدته.. ويبيح لي كشف الغمام يقول: والشوق يحملني إليك فما جرى دون احتراز.. هل أراك مبعثراً تتباطئ اللحظات مابين اغتراب استعيد ملامحي متأخراً متخطياً كل الحواجز والمدى مستغرق يبدو كئيباً منذراً دعني أحلق في تخوم مجرة فأصيب نجماً شاهقاً مستعمراً، الشاعر وليد حسين عضو اتحاد الكتاب العرب وعضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ..له مؤلفات في الشعر منها ، لهفي على زمن تباعد ..وظللي هناك ..وصدى لزمن الغربة وغيرها مانشر في سوريا والعراق ولبنان والدول العربية وله مشاركات على مستوى الوطن العربي وحاصل على عدة جوائز إبداعية في الشعر ..وهو صحفي وإعلامي.
العدد 1184 –2-4-2024