محمد الماغوط في ذكرى رحيله.. فإنني مليءٌ بالحروف والعناوين الدامية

الثورة – ديب علي حسن:

تمر هذه الأيام ذكرى رحيل محمد الماغوط ( ٢٠٠٦ في الرابع من شهر نيسان).
ومحمد الماغوط واحد من أشهر الشعراء العرب على امتداد القرن العشرين الذي مضى وسيبقى علامة فارقة في المشهد الإبداعي شعراً ومسرحاً، فهو يعد بحق الأب الحقيقي لقصيدة النثر التي ملأت الساحة الآن وأعطت الحداثة وهجاً جديداً.
وفوق هذا وذاك صوت متفرد في كل ألوان إبداعه.
يرى البعض أن انتشار أعماله يضاهي انتشار أعمال نزار قباني وإن لم يصل إلى المكانة نفسها.
بينما يقارنه آخرون بمظفر النواب من حيث سلاطة اللسان والاتجاه السياسي في الإبداع الشعري.
جمعته في بيروت صداقة حميمة مع الشاعر بدر شاكر السياب، فكان السياب صديق التسكّع على أرصفة بيروت، وفي بيروت أيضاً تعرّف الماغوط في بيت أدونيس على الشاعرة سنية صالح (التي غدت في ما بعد زوجته)، وهي شقيقة خالدة سعيد زوجة أدونيس، وكان التعارف سببه تنافس على جائزة جريدة النهار لأحسن قصيدة نثر.
عاد الماغوط إلى دمشق بعد أن غدا اسماً كبيراً، حيث صدرت مجموعته الأولى حزن في ضوء القمر (عن دار مجلة شعر، 1959)، التي ألحقها عن الدار نفسها بعد عام واحد بمجموعته الثانية «غرفة بملايين الجدران» (1960)، وتوطدت العلاقة بين الماغوط وسنية صالح بعد قدومها إلى دمشق لإكمال دراستها الجامعية. وفي العام 1961 أدخل الماغوط إلى السجن للمرة الثانية وأمضى الماغوط في السجن ثلاثة أشهر، ووقفت سنية صالح وصديقه الحميم زكريا تامر إلى جانبه خلال فترة السجن، وتزوج الماغوط من سنية صالح عقب خروجه من السجن، وأنجب منها ابنتيه شام وسلافة.
في السبعينيات عمل الماغوط في دمشق رئيساً لتحرير مجلة «الشرطة» حيث نشر كثيراً من المقالات الناقدة في صفحة خاصة من المجلة تحت عنوان «الورقة الأخيرة»، وفي تلك الفترة بحث الماغوط عن وسائل أخرى للتعبير من أشكال الكتابة تكون أوضح أو أكثر حدة، فكانت مسرحياته المتوالية «ضيعة تشرين» و«غربة»، وفيها أراد الماغوط مخاطبة العامة ببساطة دون تعقيد.
خلال الثمانينيات سافر الماغوط إلى دولة الإمارات وإلى إمارة الشارقة بالتحديد وعمل في جريدة الخليج وأسس مع يوسف عيدابي القسم الثقافي في الجريدة وعمل معه في القسم لاحقاً الكاتب السوري نواف يونس.
كانت فترة الثمانينات صعبة وقاسية، بدأت بوفاة شقيقته ليلى عام 1984، ثم وفاة والده أحمد عيسى عام 1985 نتيجة توقف القلب، وكانت أصعب ضربة تلقاها هي وفاة زوجته الشاعرة سنية صالح عام 1985 بعد صراع طويل معه ومع السرطان، وقد تركت هذه المآسي المتلاحقة الأثر الشديد على نفسه وأعماله وكتاباته. ويعدّ محمد الماغوط أحد أهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي، كتب الخاطرة، والقصيدة النثرية، وكتب الرواية والمسرحية وسيناريو المسلسل التلفزيوني والفيلم السينمائي، وامتاز أسلوبه بالبساطة والبراغماتية وبميله إلى الحزن.
من أعماله المسرحية
ضيعة تشرين – مسرحية (لم تطبع – مُثلت على المسرح 1973-1974).
شقائق النعمان – مسرحية
غربة – مسرحية (لم تُطبع – مُثلت على المسرح 1976)
كاسك يا وطن – مسرحية (لم تطبع – مُثلت على المسرح 1979)
خارج السرب – مسرحية (دار المدى للنشر والتوزيع – دمشق 1999، مُثلت على المسرح بإخراج الفنان جهاد سعد- ومثلتها فرقة كور الزهور في سلمية مسقط رأس الماغوط ومن إخراج الفنان صدر الدين ديب)
العصفور الأحدب – مسرحية 1960 (لم تمثل على المسرح)
المهرج – مسرحية (مُثلت على المسرح 1960، طُبعت عام 1998 من قبل دار المدى للنشر والتوزيع – دمشق)
أهم مؤلفاته في الشعر
حزن في ضوء القمر – شعر (دار مجلة شعر – بيروت 1959)
غرفة بملايين الجدران – شعر (دار مجلة شعر – بيروت 1960)
الفرح ليس مهنتي – شعر (منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق 1970.
من إبداعه..
أيها الربيع المقبل من عينيها
أيها الكناري المسافر في ضوء القمر
خذني إليها
قصيدةَ غرامٍ أو طعنةَ خنجرٍ
فأنا متشردٌ وجريحٌ
أحب المطرَ وأنينَ الأمواج البعيدة
من أعماق النوم أستيقظ
لأفكر بركبة امرأةٍ شهيةٍ رأيتها ذات يوم
لأعاقر الخمرة وأقرض الشعر
قل لحبيبتي ليلى
ذات الفم السكران والقدمين الحريريتين
إنني مريضٌ ومشتاق إليها
إنني ألمح آثارَ أقدامٍ على قلبي
أكتب وأحلم وأرنو إلى المارةِ
من قلب السماء العاليه
أسمع وجيبَ لحمك العاري
عشرون عامًا ونحن ندق أبوابك الصلدةَ
والمطر يتساقط على ثيابنا وأطفالنا
ووجوهنا المختنقة بالسعال الجارح
تبدو حزينةً كالوداع صفراء كالسل
ورياحُ البراري الموحشه
تنقل نواحنا
إلى الأزقةِ وباعة الخبزِ والجواسيس
ونحن نعدو كالخيولِ الوحشية على صفحاتِ التاريخ
نبكي ونرتجف
وخلف أقدامِنا المعقوفه
تمضي الرياح والسنابل البرتقاليه
وافترقنا
وفي عينيك الباردتين
تنوح عاصفةٌ من النجومِ المهروله
أيتها العشيقةُ المتغضنة
ذات الجسدِ المغطّى بالسعال والجواهر
أنت لي
هذا الحنين لك يا حقوده!
قبل الرحيلِ بلحظات

وتحت شمس الظهيرة الصفراء
كنت أسند رأسي على ضلْفات النوافذ
وأترك الدمعة
تبرق كالصباح كامرأة عارية
فأنا على علاقةٍ قديمةٍ بالحزن والعبودية
وقرب الغيوم الصامتة البعيدة
كانت تلوح لي مئاتُ الصدورِ العارية القذره
تندفع في نهرٍ من الشوك
وسحابةٍ من العيون الزرق الحزينة
تحدِّق بي
بالتاريخ الرابض على شفتي
يا نظراتِ الحزنِ الطويلة
يا بقعَ الدم الصغيرة أفيقي
إنني أراك هنا
على البيارق المنكسه
وفي ثنيات الثياب الحريريه
وأنا أسيرُ كالرعدِ الأشقر في الزحام
تحت سمائك الصافيه
أمضي باكيًا يا وطني
أين السفن المعبأة بالتبغ والسيوف
والجارية التي فتحت مملكة بعينيها النجلاوين
كامرأتين دافئتين
كليلةٍ طويلةٍ على صدر أنثى أنت ياوطني
إنني هنا شبحٌ غريبٌ مجهولٌ
تحت أظافري العطرية
يقبع مجدُكَ الطاعن في السن
في عيون الأطفال
تسري دقات قلبك الخائر
لن تلتقي عيوننا بعد الآن
لقد أنشدتكَ ما فيه الكفايه
سأطلُّ عليك كالقرنفلة الحمراءِ البعيدة
كالسحابة التي لا وطنَ لها
وداعًا أيتها الصفحاتُ أيها الليل
أيتها الشبابيك الأرجوانية
انصبوا مشنقتي عالية عند الغروب
عندما يكون قلبي هادئًا كالحمامه
جميلاً كوردة زرقاء على رابيةٍ،
أودُّ أن أموت ملطخًا
وعيناي مليئتان بالدموع
لترتفع إلى الأعناق ولو مرةً في العمر
فإنني مليءٌ بالحروف، والعناوين الدامية
في طفولتي،
كنت أحلم بجلبابٍ مخطَّطٍ بالذهب
وجوادٍ ينهب في الكروم والتلال الحجرية.

آخر الأخبار
تسويق  14 ألف طن قمح في حمص تحضيرات امتحانات المحاسبين على طاولة "المالية" " صناعة حسياء " تصدر 46 قراراً صناعياً منذ بداية العام  الدفاع المدني يزرع قيم التطوع في نفوس الأطفال من بوابة الفن   الهيئة العامة للطيران المدني تنفي إغلاق مطار دمشق وتؤكد استمرار العمل دون عوائق  استرداد أكثر من 16 طن كابلات مسروقة بدير الزور القنيطرة.. تدريب النساء على تربية النحل والنباتات الطبية والعطرية  بعد المنحة التشجيعية زاد استلام القمح..  3400 طن قمح في مراكز دير الزور    علي خامنئي… مرشد الثورة وباني إمبراطورية الظل الإيرانية انطلاق امتحانات الفصل الأول في معاهد جامعة الفرات  هجمات جديدة.. ترامب يهدد وخامنئي يرفض الاستسلام ويتوعد إنتاج وفير لمشمش غوطة دمشق الشرقية  بين ضعف التسويق وانعدام التصدير   من الحرب الى التحدي الرقمي .. لماذا لاتصل التكنولوجيا الى السوريين؟  سوريا في قلب التأثيرات الاقتصادية. تضخم وازمة توريدات مخاوف من استمرار الحرب الإيرانية- الإسرائيلية... الأوقاف الإسلامية.. آلة مالية ذكية لإعمار المستقبل  ما تحتاجه سوريا اليوم خريطة وقفية اقتصادية   جديد الاقتصاد.. مديرية التقانة والتحول الرقمي تعزيزاً للاقتصاد..إقرار نظام جديد للاستثمار في المدن الصناعية نقل دائرة السجل المدني من جرمانا يفاقم معاناة الأهالي  The National Interest:  دول الشمال العالمي  مسؤولة عن نصف إجمالي الانبعاثات الكربونية  سوريا تختار الحياد.. التركيز على الشأن الداخلي وتعزيز الحضور الدولي